في قراءة أولية سريعة للعملية النوعية التي نفذها فوج المجوقل فجر أمس في مخيمي النور والقارية شرق عرسال، يقارب الرأي العام والسياسيون أهميتها من زاوية أنها حمت لبنان إستباقياً من سبعة أو ثمانية إنتحاريين، تم تجهيزهم مع أحزمتهم الناسفة لتفجير أنفسهم في مناطق سكنية عدة. نعم لقد جنّبت العملية التي أسفرت عن تفجير بعض الإنتحاريين أنفسهم وقتل البعض الآخر منهم بالرصاص، لبنان ككل من سلسلة خضّات أمنية دموية، وهذا أمر مهم جداً في الحسابات الأمنية، ولكن للرأي العام والسياسيين قراءاتهم، وللقادة العسكريين قراءة أخرى مختلفة. قراءة يشرحها مصدر عسكري بارز على الشكل التالي:
"بالإضافة الى أهمية العمليّة النوعيّة من الناحية البشرية، وكيف أنها منعت تنفيذ سلسلة من التفجيرات التي كان يمكن أن تودي بحياة العشرات من اللبنانيين فضلاً عن الجرحى والأضرار المادية، يبقى الأهم أنها العملية الأولى من نوعها التي كشفت للسياسيين والحكومة والمجتمع الدولي كما جمعيات حقوق الإنسان وبالوقائع والصور الموثّقة، كيف تأوي مخيمات النازحين السوريين في لبنان إرهابيين كبار وإنتحاريين وذخائر ومتفجرات، وكيف يختبئ في داخلها قادة من تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة"، ويحضرون العبوات والأحزمة الناسفة إضافة الى إعداد الإنتحاريين نفسياً لتفجير أنفسهم إذا تعرضوا لكمين أو عملية دهم كتلك التي نفذها فوج المجوقل".
وإنطلاقاً من هذه القراءة العسكريّة، لم يعد بإمكان أي سياسي بعد العملية التي أطلق عليها المجوقل تسمية "عملية قض المضاجع" ان يدافع عن هذه المخيمات لأسباب وخلفيات إما طائفيّة ومذهبيّة، وإما سياسية بحجة أنه من مؤيدي ما يسمى بـ"القوى والتنظيمات المعارضة في سوريا" والدليل على ذلك، كيف تحولت تصريحات وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي من مستنكرة لأي عملية تنفذ في مخيمات السوريين، الى داعمة لما قام به الجيش الذي يحمي المخيمات بعمليات كهذه كما جاء في تعليقه.
لكل ما تقدم يقول مصدر وزاري بارز، "لم يعد بإمكان الحكومة بعد اليوم أن تغض نظرها عن أزمة المخيمات خصوصاً أن عملية مخيمي النور والقارية أقفلت الباب أمام المزايدين بحقوق الإنسان، والمتعاطفين مع أي تنظيم يقاتل في سوريا حتى لو كان هذا التنظيم إرهابياً، لذلك من المتوقع أن يحضر ملف عرسال من خارج جدول أعمال أول جلسة تعقدها الحكومة بعد عودة رئيسها سعد الحريري من سفره".
وللسفراء الذين إتصلوا بالأمس مستنكرين العمليّة، وللذين لم يتصلوا ولكن عبّروا في مجالسهم الخاصة عن إستيائهم إنطلاقاً من حسابات بلادهم التي ترفض ترحيل النازحين من لبنان، الجواب العسكري واحد وواضح، "هل هذه المخيمات هي تجمّعات تأوي النازحين المدنيين السوريين أما أنها بؤر إرهابية فيها إنتحاريون وعبوات ناسفة ومواد كيميائية وأحزمة ناسفة"؟.
نعم لقد سمع من يجب أن يسمع هذا الجواب، ومن يحب أن يسمعه فليتصل، تختم المصادر العسكرية البارزة قراءتها.