منذ تسلم الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز السلطة بعد وفاة الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، بدأ الحديث عن توتر يطغى على علاقة رئيس الحكومة سعد الحريري مع الرياض، لا سيما مع تعيين الأمير محمد بن نايف ولياً للعهد والأمير محمد بن سلمان ولياً لولي العهد بعد إعفاء الأمير مقرن بن سلطان من منصبه، وهذا الأمر تُرجم من خلال الأزمة الماليّة التي عاشتها شركة "سعودي أوجيه"، بالإضافة إلى الإنفتاح السعودي على مجموعة من الشخصيات والقيادات السنيّة المنافسة لرئيس الحكومة، لكن اليوم مع التحولات الجديدة في المملكة، أي بعد إعفاء محمد بن نايف من منصبه وتعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد، يبدو أن الحريري سيكون من أكبر المستفيدين.
في هذا السياق، لم يكن "الشيخ" مرتاحاً في أي لحظة لإحتمال تسلم الأمير محمد بن نايف العرش السعودي، خصوصاً أن العلاقة بين الجانبين لم تكن على أحسن حال منذ سنوات، بسبب وصفه له في وقت سابق بـ"الجزار"، الأمر الذي دفعه إلى البحث عن غطاء عربي وإقليمي في أكثر من مكان، لا سيّما في تركيا ومصر، من دون تجاهل التسويات الداخلية التي أبرمها للعودة إلى رئاسة الحكومة، وهو يدرك أيضا أن الأمير محمد بن سلمان يريد السيطرة على كل المؤسسات المالية والإقتصادية في بلاده، وفي السياسة يسعى إلى تحقيق مصالحه بالدرجة الأولى، لكن ما الجديد اليوم؟.
تكشف مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، أن الحريري تبلغ من الديوان الملكي، خلال زيارته الأخيرة إلى السعودية في فترة عيد الفطر حيث شارك في مأدبة إفطار أقامها الملك سلمان وصلى في اليوم الثاني إلى جانبه صلاة العيد، بأن أزمته كانت مع ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف، الذي أعفي من منصبه، في حين اليوم تبدّل الوضع بعد أن بات للرياض قرارها الواحد لا أكثر.
وتوضح المصادر نفسها أن رئيس الحكومة تبلغ أيضاً بأن السعودية قررت إعادة الإعتبار له ليكون الممثل السياسي رقم واحد لها على الساحة اللبنانية، من دون أن يعني ذلك أنه لن يكون لها علاقات مع باقي القيادات والشخصيات السنيّ ة الأخرى.
بالنسبة إلى واقع وزير العدل السابق أشرف ريفي، الذي كان يحظى بعلاقة جيدة جداً مع محمد بن نايف، تكشف هذه المصادر بأن الحريري أُبلغ بأن ريفي عليه أن يكون في صفه أو أن السعودية لن تكون إلى جانبه.
وتشير هذه المصادر إلى أن رئيس الحكومة حصل، خلال الزيارة نفسها، على دفعة مالية يمكن وصفها بـ"السياسية" لأنها ليست من الأموال التي لدى شركة "سعودي أوجيه" في ذمة المملكة، كما طُلب منه بدء التحضيرات للإنتخابات النيابية المقبلة حيث تلقى وعداً بالحصول على الدعم اللازم لتأمين الفوز بها.
من وجهة نظر هذه المصادر، هذا التحول على مستوى العلاقة بين الرياض والحريري سيكون له تداعيات كبيرة على مستوى الحياة السياسية اللبنانية الداخلية، نظراً إلى أن الحريري لجأ في الفترة السابقة إلى سياسة التسويات مع الأفرقاء المحليين لضمان عودته إلى رئاسة الحكومة أولاً، خلال الإنتخابات الرئاسية، والحفاظ على هذا الموقع ثانياً، خلال المشاورات التي قادت إلى الإتفاق على قانون الإنتخاب، لكن في الفترة المقبلة لن يكون مضطراً إلى تقديم المزيد من التنازلات بعد عودة الغطاء السعودي له، لا بل قد يعمد إلى التصعيد، لا سيما بوجه "حزب الله"، لملاقاة السياسات السعودية على مستوى التصعيد بوجه الجمهورية الإسلامية في إيران.