نجحت المساعي التي بذلها في الساعات الماضية أمير الحركة المجاهدة في مخيم "عين الحلوة" الشيخ جمال الخطاب بتبريد الأجواء بين "عصبة الأنصار" و"الشباب المسلم" (الذي يضم بصفوفه متشددين) على خلفية اقدام العصبة الأسبوع الماضي على تسليم الارهابي خالد السيد المتهم بالتحضير لأكثر من عملية انتحارية، الى السلطات اللبنانية. وقد تراجع مسلحو العصبة والذين نفذوا في الايام القليلة الماضية انتشارا عسكريا في الأحياء التي يتواجدون فيها الى مواقعهم، بناء على اتفاق تم التوصل اليه بينهم وبين "الشباب المسلم" على عودة التواصل بعدما هدّد المتشددون في المخيم بتنفيذ عمليات اغتيال بحق قيادات العصبة للانتقام من تسليم السيد.
وبالرغم من التهدئة التي تسيطر حاليًّا على أرجاء المخيم، الا ان مصادر فلسطينية تؤكد ان "الوضع هناك لا يزال هشًّا من منطلق ان المجموعات المتطرفة تستشعر بخطر كبير من ان يكون قد تم اتخاذ قرار بتسليم قيادييها واحدا تلو الآخر، ما قد يدفعها الى لملمة صفوفها والتوحد ما سيفاقم المخاطر على أكثر من مستوى". وتشير المصادر الى ان "عصبة الأنصار تسعى للتحول الى حزب سياسي والى جزء من المرجعية الفلسطينية بمساعدة ومساندة حركة "حماس" التي تسعى بدورها لتكريس نفسها المرجعية الأساس بدلا عن منظمة التحرير"، لافتة الى انّها "كانت عرابة عملية تسليم السيد بمحاولة منها لتصوير نفسها كجهة قادرة على ايجاد حلول للملفات والأزمات المستعصية والتي كان ملف السيد أحدها".
وتستفيد حركة "حماس" من تراجع أداء حركة "فتح" وخاصة بعد المعركة التي خاضتها بوجه مجموعة "بلال بدر" والتي رُسمت حولها أكثر من علامة استفهام، وبالتحديد حول أداء قياداتها في الميدان ما أدّى لفرار بدر علما ان القرار اللبناني–الفلسطيني كان يقضي بتوقيفه وتسليمه.
وتراقب القيادات الأمنية اللبنانية عن كثب التطورات داخل المخيم، وهي عبّرت عن رضاها التام كما عن اعجابها بـ"الحرفية" التي طبعت عملية تسليم السيد من دون خسائر بشرية تُذكر. ويعتبر مصدر أمني أن قرار "عصبة الأنصار" باعادة تموضعها ومحاولاتها المتكررة لبناء جسور مع الدولة اللبنانية سيؤثر سلبا على أوضاع الجماعات المتشددة داخل "عين الحلوة"، والتي باتت تستشعر اصلا الخطر الداهم جراء تقلص نفوذها على خلفية التطورات الحاصلة في المنطقة وبالتحديد في سوريا والعراق، حيث تتهاوى مشاريع "داعش" وباقي المجموعات الارهابيّة. وأضاف المصدر: "منذ العملية العسكرية التي قامت بها حركة فتح للتصدي لحالة بلال بدر، انتقلت المجموعات المتطرفة داخل المخيم من موقع الهجوم الى موقع الدفاع، وهي لا شك تبحث اليوم بالخيارات التي لا تزال متاحة امامها علما اننا نعتقد انّها ضاقت الى اقصى الحدود بعد تكتل عصبة الانصار وحماس وتسليمهما خالد السيد".
ولا شك أن قرار المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، سيغريد كاغ تأجيل زيارتها التي كانت مقررة يوم الثلاثاء الماضي الى "عين الحلوة" ليس الا نتيجة نصائح ومعلومات أمنية تؤكد ان الوضع في المخيم غير مستقر، وقد يتفاقم في أي لحظة، وان كان المرجح ان تكون "الاغتيالات" التكتيك المستقبلي الوحيد المتاح امام الجماعات المتطرفة، التي تبدو محاصرة أكثر من اي وقت مضى نتيجة استشعارها بسقوط غطاء "عصبة الانصار" و"حماس" عنها.