لم تنته فصول قصّة الأراضي من قبل الاجانب عند حدود بلدة التعزانية في عاليه، فالإمارة القطرية التي تحدّثنا عنها والتي ينوي الشيخ القطري الامير حمد بن خليفة بن عبد الله العطيه أن يبنيها لا تقف عند حدود تلك القرية. في التعزانية إشترى الشيخ القطري الحدّ المسموح به قانونياً وسجّله بإسمه واستكمل رحلة الشراء عن طريق لبناني بموجب وكالة حصلت "النشرة" على نسخة منها.
المفارقة ليست في هذا كلّه، وقد تطرقت اليه "النشرة" بالتفصيل في مقالات سابقة، ولكن الغريب أن للقضية تتمة ولكريستيان قمير (وكيل العطية في لبنان) أراضٍ في بلدات أخرى لا تقلّ مساحةً عن تلك المسجّلة بإسمه في "التعزانية" وأبرزها في عاليه التي يملك فيها قمير ستة عشر قطعة أرض إضافة الى اراضٍ أخرى أقل مساحة في سوق الغرب وغيرها...
رئيس بلدية عاليه وجدي مراد لا ينفي في اتصال مع "النشرة" معرفته بقمير أو علمه بشراء القطريين للأراضي في البلدة، لكنه يؤكد أن "ما يملكه القطريون في بلدته لا يتعدّى أوتيل طانيوس في عاليه وقصرين لهما، أي بحسب المنطق لا يتعدى النسبة الطبيعية"، ويروي في هذا السياق قصّة قديمة وعلاقة انصهار بين عاليه وأمير قطر. ويشير الى أنه "في العام 1953 بنى أمير قطر في حينه الشيخ علي آل ثاني قصرا وسكن فيه. بعدها توفي الأمير وحصلت الحرب في لبنان وتهدّم القصر، فيما بعد قام الامير السابق أيضا حمد بن خليفة ال ثاني بشرائه ولكن لم يستطع تسجيله بإسمه لأن المساحة كانت تفوق 3 آلاف متر، ويومها صدر مرسوم جمهوري على أيام رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان أدى الى نقل الملكية من الشيخ علي الى الشيخ حمد"، مشدداً على أن "هذا القصر تحوّل الى معلم سياحي في المنطقة".
يؤكد مراد في نفس الوقت أن "المساحة التي يملكها القطريون في البلدة لا تتعدّى المسموح به قانوناً"، مشيراً الى أن "نسبة شراء الاجانب للأراضي في قضاء عاليه لم تصل الى 3% من هنا يسمح له بمزيد من عمليات الشراء". لكن ما يظهر في الافادة العقارية التي حصلت "النشرة" على نسخة منها يتشير الى امتلاك قمير لمساحة مقاربة لتلك التي في التعزانية أي حوالي 60 الف متر، فما الهدف من عمليات الشراء هذه؟!.
هذا الملف يتابعه رئيس حركة "الارض" طلال دويهي الذي يشير عبر "النشرة" الى أننا "سنحاول أن نتأكّد إذا ما كان هناك فعلاً من عمليات احتيال على القانون في أسلوب بيع وشراء الاراضي في هذه المسألة"، مضيفاً: "سنسعى للتأكد إذا ما كان كريستيان قمير وغيره يشترون فعلاً الاراضي لصالح الأجانب"، مؤكدا في نفس الوقت أن "وزير العدل سليم جريصاتي بات على علم بالقضية وسيتابعها".
قد يعتقد البعض أن شراء هذه المساحات يقع ضمن خانة الرغبة في تملك الاراضي وقد يرى البعض الآخر أن عمليات الشراء قد حصلت بعد الاحتيال على القانون، ولكن الاكيد، ان الشكوك تتواجد خلف ما جرى ويجري، ومن هنا يُفهم التحذير الذي ابلغه المدير العام للأمن العام السابق اللواء جميل السيّد لدويهي، وفيه دعوة "لضرورة التنبه لعمليات الشراء هذه" كاشفا عن مخاوف بأن "تكون هذه القصّة شبيهة بقصّة شراء الأرض ما بين الشوف والجنوب لتوطين الفلسطينيين".
إذاً قضية شراء المساحات الشاسعة في عاليه هي أمر واقع مثبت بالافادات والوقائع التي حصلت "النشرة" عليها، ليبقى المجهول هو الهدف من عمليات الشراء هذه... فهل تصحّ مخاوف السيّد؟!