إتفقوا:
فالإتفاق أقلُّ كلفةً من الخلاف.
الإتفاق يعطي الجميع، الخلاف يأخذ من الجميع.
الإتفاق يجعل السلطة متعة ونعمة، الخلاف يجعل السلطة نكبة ونقمة.
الإتفاق يريح الناس، الخلاف يكبِّد الناس خسائر كبيرة.
الإتفاق يُسهِّل أمور البلد، الخلاف يضع البلد على كف المجهول.
لماذا تختلفون؟
هل على التشكيلات؟
فمَن سيأتي سيكون في خدمة الناس وليس في خدمتكم.
هل على المناصب الإدارية؟
فهذه المناصب تأتي وتروح لكن الإدارة هي التي تبقى.
ومَن يختلف مع مَن؟
إنَّهم أقطابٌ عشرة على الأكثر يحكمون أربعة ملايين لبناني، فهل تحرز الخلافات؟
وعلى ماذا تختلفون؟
هل على ترسيم الحدود؟
هل على الدخول في معاهدات أو عدم الدخول؟
هل على تصنيع الأسلحة النووية أو عدم تصنيعها؟
هل على إرسال صاروخ إلى المريخ؟
هل على بناء جسر بحري فوق المتوسط؟
خلافاتكم على خطة الكهرباء، فهل يستحق اللبنانيون عقاب التقنين بسبب مزايدات أنَّ هناك مَن هو ضنين بالمال العام، وهناك مَن يريد عمولات وسمسرات؟
خلافاتكم على تشكيلات دبلوماسية، فهل يستحقُّ اللبنانيون ولا سيَّما المغتربون منهم كل هذا الشغور وكل هذه الفراغات؟
عشرة أقطاب يحكمون البلد، فهل يحرز الخلاف على أمور ثانوية؟
عودوا بالذاكرة قليلاً إلى الوراء... تذكَّروا العصر الذهبي للبنان بين منتصف الخمسينيات ومطلع السبعينيات، طالِعوا كيف كان يُحكَم البلد... هذا البلد هو بلد التوافقات والتسويات:
لا أحد يفرض رأيه وطروحاته على أحد، ولا أحد يستأثر بالقرار... فالتسويات بمعناها الإيجابي هي نعمة على البلد وليست نقمة، التسويات مع الكفاءات هي التي تُنقِذ البلد.
بهذا المعنى، هناك ملفات ساخنة في البلد هذه الأيام:
فالورشة النيابية يتوقَّع أن تنطلق مطلع الأسبوع المقبل وتحديداً الثلاثاء وفي مقدِّم جدول الأعمال سلسلة الرتب والرواتب.
وهناك تحرك اللجنة الوزارية لبحث أزمة النازحين السوريين تمهيداً للإجتماع الموسع مع الخبراء والتقنيين، لمتابعة مدى التزام المجتمع الدولي بالمساعدات للبنان كي يستطيع القيام بواجباته حيال النازحين.
وهذا الملف تصر الحكومة على إبقائه في الأولويات.
وفي موضوع الموازنة، وفي ظلِّ الإصرار على قطع الحساب، فإنَّ المخرج قد يكون بتعليق المادة الدستورية التي تشترط قطع الحساب. وفي هذا المجال يقول مخضرمون إنَّه سبق أن أقرّت موازنات في الماضي مع تسجيل تحفظ من مجلس النواب إلى أن يصله قطع الحساب، وهذا التحفظ يمكن أن يُسجَّل في الموازنة التي تُدرس حالياً ليتمَّ الخروج من هذه الدوامة.