الأسبوع المقبل حافل بامتياز بالنسبة إلى رئيس الحكومة سعد الحريري:
يبدأ الثلاثاء والأربعاء بالجلسة النيابية العامة التي سيكون نجمها سلسلة الرتب والرواتب التي كانت أرقامها 1200 مليار ليرة فأصبحت ألفي، وينتهي بالحدث المنتظر في واشنطن بلقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري.
وإذا كان الرئيس الحريري قد أعد ملف المحادثات جيداً، فإنَّ الرئيس الأميركي وُضع أمامه ملف لبنان بعناوينه الكبرى:
النازحون، العقوبات، علاقات لبنان ببعض الدول الإقليمية والدولية، الإنتخابات النيابية.
بالنسبة إلى بند النازحين، هناك حذر وتعاطف أميركي مع لبنان في آن واحد:
الحذر سببه أنَّ الهيئات المانحة غالباً ما قدَّمت مساعدات للبنان، لكنها اكتشفت أنَّ الكثير من هذه المساعدات تذهب إلى جيوب منتفعين لبنانيين ومسؤولين. محطتان بارزتان تمَّ خلالهما تقديم المساعدات للبنان، وتبين أن توزيعها لم يكن شفافاً بل شهد اختلاسات.
المحطة الأولى إثر حرب تموز عام 2006، بعد تلك الحرب وما خلَّفته من دمار هائل في قطاعات الكهرباء والإتصالات والجسور، وصلت مساعدات كثيرة للبنان، وكان ذلك أيام حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، وصلت مساعدات وهبات بمليارات الدولارات فتمَّ صرفها من دون تسجيلها في قيود الخزينة اللبنانية أو وزارة المال، ولاحقاً فُتِح ملف هذه الهبات والمساعدات، لكن ككل شيء آنذاك، تمَّ طيُّ هذا الملف.
إثر انتهاء تلك الحرب، أعد مجلس الإنماء والإعمار تقريراً عن الأضرار فبلغت، بحسب ما ورد في التقرير، نحو ثلاثة مليارات ونصف المليار دولار. وقيل يومها أن الرئيس السنيورة أَوْعَزَ بتكبير حجم الخسائر لتكبير حجم المساعدات والهبات المطلوبة.
وصلت مساعدات كثيرة وفق هذا التقرير، لكن السؤال بقي:
اين صُرِفَت؟
وكيف؟
وحين طُلبت التقارير والجداول كانت الأجوبة دائماً غامضة.
هذا التلاعب لبعض المساعدات والهبات، بأرقام عالية، دفع بسفارات وببعثات دبلوماسية إلى إعداد تقارير لحكوماتها عن حجم الفساد في لبنان، وأرفقت هذه التقارير بتوصيات أنَّ المساعدات يجب ألا تكون للحكومة اللبنانية، بل إلى صناديق محلية أو عربية أو أجنبية تتولى هي عملية إعادة البناء بطريقة شفافة وواضحة.
ومنذ ذلك التاريخ وضع لبنان على رأس لوائح الدول المعروفة بالفساد.
حين اندلعت الأزمة السورية منذ ستة أعوام ونيِّف، وبدأ النزوح السوري إلى لبنان، تكررت مسألة طلب المساعدات، وبسبب الضغوطات المتلاحقة كانت المساعدات تأتي مباشرة إلى الحكومة اللبنانية وكانت توزَّع على أكثر وزارة بحسب الإختصاص، فكانت تصل إلى وزارات الشؤون الإجتماعية والتربية وغيرها من الوزارات التي لها تعاطٍ مباشر مع النازحين. شيئاً فشيئاً عادت حليمة الفساد إلى عاداتها القديمة فكانت المساعدات تصل إلى الجيوب بالتوازي مع وصولها إلى النازحين.
الحمل الأكبر على الرئيس الحريري اليوم، كيف يقنع المسؤولين الأميركيين أنَّ لبنان بحاجة ماسة إلى مساعدات جمة للنازحين، وإيصالها قد يتمُّ بواسطة دول كالمانيا مثلاً، مثلما دولة الكويت الشقيقة أنشأت الصندوق الكويتي في لبنان وهو يشرف على كل مشاريعها المشكورة عليها؟
أما لجهة العقوبات على لبنان فإنَّ واشنطن تدرك الوضع اللبناني وأنَّ لبنان ملتزمٌ بالإتفاقات الدولية. وقد تشمل العقوبات أشخاصاً وليس لبنان في حد ذاته.
في مطلق الأحوال، زيارة أساسية بكلِّ المقاييس، وبالتأكيد ما بعدها لن يكون كما قبلها.