منذ إنفجار الأزمة بين قطر والبعض من الدول العربية والخليجية، طرحت سيناريوهات عن طلب الدوحة من بعض القياديين في حركة "حماس" مغادرة البلاد نحو أماكن أخرى، لا سيما بعد أن تم التداول بأن هذا الأمر هو جزء من المطالب التي قدمت إلى الحكومة القطرية من قبل الرياض وأبو ظبي، مع العلم أن العلاقة بين الحركة وأحد أبرز الشخصيات الفلسطينية المحسوبة على الإمارات محمد دحلان، كانت قد شهدت تقدماً نوعياً في الفترة الأخيرة عبر البوابة المصرية.
على هذا الصعيد، تم الحديث عن عدد من الخيارات لدى قيادة "حماس"، منها الإنتقال إلى تركيا، التي تمتلك علاقات جيدة معها، أو إلى ماليزيا، أو إلى العاصمة اللبنانية بيروت، بالرغم من أن البعض تحدث عن طلب الولايات المتحدة الأميركية من الجانب اللبناني رفض هذا الأمر، في حين أن وسائل الإعلام الإسرائيلية تحدثت عن طلب تل أبيب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأمر نفسه، لكن في الأيام الماضية ظهرت دولة جديدة على بساط البحث، كوجهة محتملة لبعض القياديين في الحركة، هي الجزائر، إلا أن المفاجأة تبقى في ما يتم التداول به عن إحتمال العودة إلى العاصمة السورية دمشق.
في هذا السياق، كشفت مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، أن المعلومات عن الجزائر تعود إلى تصريح للمتحدث باسم الحركة سامي أبو زهري، الذي كشف عن تقديمه طلباً رسمياً للإقامة في الجزائر، وأن السلطات هناك وعدت بدراسة الأمر والنظر فيه، لكن لم يتم البت في الطلب حتى اللحظة، بالتزامن مع تحضيرات تجري في الجزائر لإستقبال وفد رفيع من "حماس" في الأيام المقبلة للمشاركة في أنشطة سياسية متعددة، مع العلم أن السفير السعودي في الجزائر سامي بن عبد الله الصالح كان قد وصف مؤخراً الحركة بالمنظمة "الإرهابية".
بالنسبة إلى العودة إلى دمشق، تكشف المصادر نفسها عن لقاءات عقدت بين "حماس" وعدد من القوى المحسوبة على دمشق، أبرزها "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة"، حيث جرى التطرق إلى الموقف من الحكومة السوريّة، وتؤكد بأنه نُقل إلى القيادة السورية عبر أكثر من جهة مواقف متقدمة عن "حماس".
في الجهة المقابلة، لا تزال مصادر الحركة الرسمية ترفض الخوض في هذا الأمر من قريب أو من بعيد، وتؤكد بأن هذا الملف ليس للتداول الإعلامي بأي شكل من الأشكال، وتشير إلى أن وجود إطار عام لموقف "حماس" لا يمكن الخروج عنه.
وتضع هذه المصادر، عبر "النشرة"، كل ما يتم التداول فيه من أنباء في سياق المعلومات الصحافية التي لم تقدّم أي دليل يمكن الإعتماد عليه للتأكيد على صحتها، وتضيف: "حماس ليست في وارد الكشف عن أماكن تواجد قيادييها وهي غير معنية بهذا الأمر، لا سيما أنها حركة مقاومة في مواجهة مستمرة مع العدو الإسرائيلي، وبالتالي لها واقع أمني خاص تأخذه بعين الإعتبار".
وفي هذا الإطار، تجدد المصادر نفسها التأكيد على أن الحديث عن تأثر الحركة بالأزمة بين قطر وعدد من الدول العربية والخليجية أمر مضخم ومبالغ فيه إلى حد بعيد، وترفض أيضاً الكشف عما إذا كان رُفض إنتقال بعض القياديين إلى بيروت من الجانب اللبناني، مشددة على أن "وجودنا في لبنان رسمي وشرعي ونحن على تواصل وعلاقة جيدة مع جميع القوى"، وتشير إلى أن خروج قيادات معينة من الدوحة مرتبط بنتائج الإنتخابات الداخلية الأخيرة.
وفي ظل موقف "حماس" المتحفظ هذا، لا تتردد المصادر المطلعة بالتأكيد أن الجزائر ربما تكون وجهة أفضل من لبنان بالنسبة إلى الحركة لعدة إعتبارات، في حال تمت الموافقة على إنتقال قياديين من "حماس" إليها، لكنها تشير إلى وجود توجه لدى قيادة الحركة بعدم تركيز قيادتها في دولة عربية واحدة، كما كان الحال في سوريا قبل إندلاع الأزمة فيها وفي قطر لاحقاً، لا سيما في ظل الضغوط الكبيرة التي تمارس من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل وبعض الجهات العربيّة، وتوضح أن الإحتمال الأكبر هو أن يتم توزيعها على عدد من الدول التي لديها علاقات جيدة مع الحركة لتفادي تكرار ما حصل في السابق، ولا تخفي الكلام عن أن "حماس" ليست في أحسن حال، في الوقت الراهن، في ظل التشدد في التعامل معها من قبل بعض الجهات العربية والإقليمية، والسعي إلى التعامل معها كمنظمة "إرهابية" بما يحقق المصالح الإسرائيلية أولاً وأخيراً.