أكّد نائب رئيس لجنة شؤون الأمن القومي في البرلمان الإيراني الدكتور كمال دهقاني فيروز آبادي أنّ إيران تأكّدت فعلياً من أنّ الإرهابيين الذين هاجموا مقرَّ البرلمان ومرقد الإمام الخميني في الآونة الأخيرة وأوقعوا 18 قتيلاً و80 جريحاً هم من منظمة «داعش»، وعلى هذا الأساس قرّرت لجنة شؤون الأمن القومي قصفَ المواقع الداعشية بصواريخ طويلة المدى في دير الزور، وقتِل في هذا الهجوم 1280 داعشياً.
روى آبادي أنّ المهاجمين كانوا ثلاثة، وهم من أكراد إيران، دخلوا إلى إيران عبر الحدود العراقية قبل يوم واحد من تنفيذهم للهجوم على البرلمان ومرقد الإمام الخميني، دخلوا إلى محافظة كرمنشاه في كردستان وإيران ومنها اشتروا سيارة وجاؤوا بها إلى طهران، وكانوا ثلاثة أشخاص استخدموا مسدّسات عندما دخَلوا من أحد أبواب مقرّ البرلمان ثمّ استخدموا رشاشات كلاشينكوف وقنابلَ يدوية وحاوَلوا الوصول إلى قاعة البرلمان حيث كان منعقداً، فحوصِروا في الطبقة الرابعة في المبنى إلى حين السيطرة عليهم وقتلِهم بعد تدخّلِ القوى الأمنية الخاصة.
واعترَف هذا المسؤول الإيراني بأنّ ما حصَل شكّلَ اختراقاً أمنياً، وأشار إلى وجود دولة أو دول أمَّنت المالَ والسلاح للذين نفّذوا الهجومين، مشيراً إلى أنّ الأجهزة الامنية الايرانية كانت تتخوّف من حصول هذا النوع من الهجمات في أحد محطات أنفاق مترو طهران التي تَشهد ازدحاماً دائماً، ولم تكن تتوقع مهاجمة البرلمان ذي المداخل المتعدّدة عدا عن مدخله الرئيسي الذي لم يقترب منه المهاجمون.
وسئل آبادي عن القانون الذي أقرّه مجلس الشورى الايراني (البرلمان) أخيراً ويقضي بمحاربة «الإرهاب الاميركي»، فقال: «إنّ داعش هي صناعة اميركية، أمّا دعمُها ومالها فتحصل عليه من بعض دول المنطقة، لأنّ الإدارة الاميركية الجمهورية لا تستطيع ان تزوّدها بالمال مباشرةً لأنها تتعرّض لحملة من الديموقراطيين الذين كان الجمهوريون يتّهمونهم بإنشاء «داعش» وردعِها.
وأضاف: «حالة داعش تشبه حالة صدّام، فأميركا وبعض دول المنطقة ساندوا صدّام وكبّروه وعظّموه، والآن يكبّرون داعش ويعظّمونها».
ولفتَ آبادي إلى أن ليس لدى إيران صراع مباشر مع الولايات المتحدة الاميركية، ولكنّها هي التي تُعادينا بدليل انّ ايران دولة مستقلة ولسنا كالدول الخاضعة للأوامر الاميركية وتنفيذها، الولايات المتحدة الاميركية تضعُنا دائماً تحت الحصار وتتّهمنا بأننا ننتج سلاحاً نووياً، ولذلك تُحاورنا مع دول الخمسة زائداً واحداً، وأفهمناها أنّنا لا ننوي تصنيعَ مِثل هذا السلاح ووصَلنا الى اتفاق معها تمكّنا خلاله من الوصول الى تخصيب اليورانيوم لاهداف سلمية، ما يعني أنّنا نعمل لمصلحة السِلم.
وأضاف: «منذ أن وضعونا تحت الحصار والعقوبات فهمنا أن ليس في إمكاننا شراءُ طائرات حربية، وأن ننتج هذه الطائرات ونحن في البدايات فيما نحن على إنتاج كامل للصواريخ البالستية أو العادية، وأحد بنود الاتفاق النووي هو أن لا تنتج إيران صواريخ تحمل رؤوساً نووية وإنّما لدينا صواريخ بالستية».
وإذ أكّد آبادي أنّ «الموت لأميركا» ما زال قائماً، قال: إنّ قدرات إيران هجومية بل هي حالة دفاعية في مواجهة أيّ هجوم، وعدوّنا الرئيسي هو إسرائيل.
واعتبَر أنّ غاية واشنطن من صناعة «داعش» هي السيطرة الكاملة على بلد مِثل العراق وسوريا، واستراتيجيتُنا في مواجهة الولايات المتحدة هي الدفاع لمنعِها من السيطرة علينا، ولدى إيران أربعُ قدرات غير متوافرة إلّا لدى قلّة من الدول وهي:
1 – منابع ومصادر البترول والغاز
2 – الثروة المعدنية
3 – القدرة البشرية المتخصّصة
4 – السوق المصرفية الواسعة.
وأضاف: «لو تذهبون إلى اليابان لا تجدون مثلَ هذه المصادر، وفي السعودية لن تروا قدرةً بشرية، فالبعضُ لديه قدرة بشرية وليست لديه ثروات، وإيران من خلال هذه المصادر الاربعة في إمكانها ان تتدبّر أمورَها بنفسها ولا تحتاج الى شيء من اميركا أو غيرها».
وأكّد «أنّ تركيزَنا الآن هو على العمليات الاقتصادية، ولم يبقَ من الخطة العشرينية التي كنّا قد وضعناها إلّا تسعُ سنوات، فإذا حاولت الولايات المتحدة ان تضعنا تحت الحصار فإنّ في إمكاننا الرد بالمثل، فأميركا لم تعُد القوة الرئيسية في العالم، الآن الصين موجودة وروسيا وأوروبا أيضاً، ولن تكون اعمالنا مخالفة للقوانين الدولية».
وردّاً على سؤال قال آبادي: «نرغب في أن تكون لنا علاقات مع كلّ الدول الإسلامية، لأنّ شعوب هذه الدول تريد التلاقي بعضها مع بعض انطلاقاً من رابطة الدين، وصحيح أنّ علاقاتنا مقطوعة مع السعودية، ولكن حجّاجنا ذاهبون إليها لتأدية فريضة الحج».
معتبراً أنّ المشكلة ليست عندنا وإنّما هي عند السعودية، وأنّ السعوديين ارتكبوا أخطاء كثيرة في المنطقة». وأكد آبادي أنّ لدى إيران سياسة مستقلة، وهي تساعد الحكومة الشرعية في كلّ من سوريا والعراق، وتؤمِن بوجوب حلّ المشكلات بالحوار.
وسئل هل يمكن لإيران أن تتخلّى عن دعم الأسد؟ فأجاب: إذا أراد الشعب السوري بقاءَه فنحن مع إرادة هذا الشعب، ونحن نقول أنْ ليس معقولاً أن تجتمع الدول الخمس الكبرى لتقرّر مصيرَ سوريا. ولو قبلنا بهذا، فإنّ الأمر نفسَه سيَحصل غداً في العراق والسعودية وتركيا وإيران.
فالشعب في كلّ بلد هو الذي يتّخذ قراره ويحدّد مصيره. والسوريون هم مَن يقرّر بقاء الأسد أو رحيله، ونحن نعلم أنّ بقاء الأسد هو عامل تقوية للمقاومة في مواجهة إسرائيل، ولذلك نحن نقف إلى جانبه.
وقيل لآبادي إنّ هناك مَن يقول إنكم في النهاية على وئام وتوافق مع أميركا بعدما تمّ التوصّل الى الاتفاق النووي؟ فأجاب: نحن لسنا على وئام مع أميركا، ولكن كلّ دولة تبحث عن مصالحها. نحن نقول يجب ان ينتهي أمر داعش، وأميركا تقول الكلام نفسَه.
نحن نقول بوجوب تحقيق الأمن في أفغانستان وأميركا تقول الشيءَ نفسَه، ولكن لأميركا برنامجها الخاص ونحن لدينا برنامجنا، أميركا تريد من العراق البترول، لكنْ نحن لدينا بترول ونريد أن يكون العراق دولة مستقرّة هادئة وديموقراطية.