ما حصل قد حصل و«السلسلة» شقت طريقها إلى التنفيذ متجاوزة الحركات الاعتراضية من هنا وهناك، فلا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سيتخذ قراراً باسترداد المشروع، وهو إن فعل فالمجلس سيتمسك به وبالتالي فإن الرئيس عون سجل موقفه من هذه «السلسلة» ويرجح أن يقف عند هذا الحد، كما ان الطعن بالمشروع هو شبه مستحيل كون أن صاحب الطعن يحتاج إلى تواقيع عشرة نواب، وما دام نواب كتلة «الكتائب» هم خمسة فإنهم يحتاجون الى تواقيع لخمسة نواب آخرين وهذا غير متوافر كون أن غالبية الكتل النيابية توافقت وتفاهمت على هذه «السلسلة» قبل الدخول الى صحن المجلس.
إذا عجقة «السلسلة» انتهت والكلام حولها ربما يستمر ليوم ويومين، وبعد ذلك يتلهى أهل السياسة كما الرأي العام اللبناني بملف آخر، من الملفات المتراكمة في الادراج، والذي نفض بالأمس الغبار عن واحد منها والمتعلق بالتشكيلات الدبلوماسية الذي حصل تفاهم سياسي عليه، على عكس التعيينات الادارية الذي مازال معلقاً على حبل الخلافات ويحتاج الى مزيد من الوقت لانضاج التسوية حوله.
وكان بالأمس موقف واضح وصريح يؤكد من ان سلسلة الرتب والرواتب قد ولدت بعد مخاض استمر خمس سنوات خاضت فيه السلطة السياسة كباشاً قوياً مع الحركة النقابية في الشارع وقد انتهى الامر، ما قاله رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زواره عصر امس بأن «السلسلة» هي الانجاز الأهم الذي لم يشهده لبنان منذ سنوات طويلة، مكرراً بأن السلسلة لاتطال الفئات الشعبية أو الفقيرة خلافاً لما يجري ترويجه من بعض الحيتان التي تحركت للتشويش على هذا الإنجاز.
وأكد الرئيس بري ان ما يقال في هذا الصدد لن يكون له اي تأثير، فالمهم «السلسلة» انجزت وليكن معلوماً لدى الجميع أن الأمر لم ينته ولا يجب ان ينتهي هنا بل يفترض ان يستكمل بالتوجيه من قبلنا جميعاً وتحديداً الحكومة الى المهمة الكبرى في وقف الفساد ومنع مسارب الهدر وكل ما يعيق النمو في البلد.
ورأى ان البلد بحاجة الى ما يشبه حالة طوارئ للانقاذ الاقتصادي والمالي.
هذا الموقف للرئيس بري الذي كان له الفضل في دفع الامور في اتجاه اقرار السلسلة ان كان من حيث اصراره على ان تكون بنداً أول على جدول اعمال الجلسة التشريعية، او من خلال تدخله المتكرر خلال المناقشات في سبيل الالغام التي كان تظهر في طريق اقرار هذه السلسلة، يؤكد بما لا يدعو الى الشك بأن «السلسلة» باتت أمراً واقعاً وان الموظفين والمتقاعدين سيبدأون بالاستفادة منها بعد شهر من الآن كون ان هذه «السلسلة» تم فصلها عن الموازنة، وكان للرئيس بري في هذا السياق موقف حاسم عندما أكد بأن السلسلة ستصرف بعد شهر من الآن إن اقرت الموازنة ام لم تقر.
واذا كان لاقرار «السلسلة» جملة من الايجابيات فإن هناك ثغرات يجب التنبه اليها وهي جشع التجار وانفلات الاسعار، إذ أن المطلوب من مصلحة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد التحرك الفوري والحاسم لضبط الاسواق والحؤول دون انفلات الاسعار على غاربها تحت حجج واهية ومصطنعة، وقد بدأت بوادر هذه الامور تظهر ما إن اعلن في المجلس عن ولادة «السلسلة» حيث لوحظ أن عدداً من المحال التجارية لا سيما تلك التي تبيع مواد غذائية عملت على رفع الاسعار العشوائي وهو ما أحدث بلبلة في صفوف الناس، سيما وان بعض وسائل الاعلام استهلت نشرتها الاخبارية بجملة تهويلية اظهرت وكأن اقرار «السلسلة» سيكون سبباً في المجاعة وسيؤدي الى انهيار الاقتصاد في البلد.
وفي هذا السياق يرى مصدر نيابي أنه لأول مرة تجتاز الخطوط الحمر في هذا الشأن حيث طالت الضرائب والغرامات المصارف والشركات الكبرى وهو ما كان في السابق من المحظورات، ولذلك ربما يعمد بعض المتضررين الى تشويه الهدف السامي من اقرار «السلسلة» ألا وهو انصاف الموظفين والمتقاعدين في ظل هذه الاوضاع المعيشية الضاغطة ويلجأون الى تصوير ما حصل بأنه مسمار دق في نعش القطاع المالي والاقتصادي الذي هو في الاصل يعاني من الانكماش الكبير.
وأكد المصدر أن اي حملة من هذا النوع لن تؤدي الغرض منها، كون أن لا عودة الى الوراء وان «السلسلة» باتت وراءنا، وأن ما سيقال لن يعدو «فشة خلق» لن تقدم أو تؤخر.