بالمقياس الزمني، بلغت معركة جرود عرسال خواتيمها بسرعة قياسية، ومساء أمس أحكمت المقاومة سيطرتها على نحو ثمانين في المئة من المساحة المقرّرة استعادتها في المرحلة الأولى من معركة الجرود. وبالتالي قد يحمل هذا الصبح أخباراً جديدة وانتصارات متتالية، كالسيطرة على منطقة وادي حميّد، وغير موقع تحتله المجموعات الإرهابية المتطرفة.
بالمقياس المعنوي، فإنّ التقدّم السريع للمقاومة في الجرود الوعرة، لم يكن مفاجئاً لقوى المقاومة وحلفائها، لكنه بالتأكيد شكّل صدمة قوية للقوى التي وضعت كلّ رهاناتها في سلة مترئّس جبهة النصرة في القلمون الإرهابي أبو مالك التلي، ظناً منها أنّ هذا الأخير الذي ذاع صيت جبهته بالقتل والإجرام، سيقوى على مواجهة المقاومة، لكن الواضح والمؤكد أنّ سلة «أبو مالك» لم تتسع لرهانات البعض وأوهامهم وأحلامهم، لأنها ضاقت برزم الدولارات التي هي هاجسه وإحدى نقاط ضعفه.
ما هو مؤكد، أنّ جرود عرسال الوعرة التي اتخذها الإرهاب معاقل له، لم تقوََ على الصمود بوجه المقاومة، لذلك، سقطت رهانات البعض، وسقط الاستثمار في الإرهاب، بعد أن تهاوت «النصرة» ومن معها، واستعيدت التلال، تلة تلو التلة، ولم يبق سوى «التلي» فأرأ فاراً مع سلّته وسِلّته من وجه المقاومة، ولكن… إلى حين.
في الجرود الوعرة، استوطن الإرهاب لبضع سنوات، لكن هذا الإرهاب الأعمى والحاقد، لم يرَ شقائق النعمان تنبت بين مفاصل الصخور، وتكبر حاملة أسماء شهداء الجيش اسماً اسماً، من الشهيد محمد حمية إلى الشهيد عباس مدلج والشهيد علي السيد والشهيد علي البزال وآخرين.
في الجرود، حيث عاث الإرهاب قتلاً وإجراماً ومارس غرائزه الوحشية كلّها، عادت إشراقة الشمس من جديد، وعاد الضوء… وتبدّد الظلام والظلامة، وتعطرت الأرض بدماء شهداء المقاومة، الذين بدمائهم كتبوا فصلاً جديداً من حكاية اسمها النصر الأكيد.
ولأنّ حكاية النصر لا تكتمل إلا إذا اكتملت فصولها، فإنّ ما بعد الجرود جروداً وما بعد التلال تلالاً وما بعد القمم قمماً حتى اجتثاث الإرهاب بكلّ عناصره ومسمّياته وإسقاط مشاريع رعاته.
معركة الجرود بضفتيها اللبنانية والسورية قاب قوسين أو أدنى من الخواتيم، بفضل التنسيق الميداني الحاصل والتآزر الكبير على أرض الواقع بين الجيشين السوري واللبناني والمقاومين، فلماذا يصرّ الناؤون من اللبنانيين على النأي عما هو في مصلحة لبنان؟