لفت رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر ماورير إلى "أنني أغادر اليمن محملًا ببالغ الأسى إزاء محنة شعبه، إذ لا يزال تفشي وباء الكوليرا مثيرًا للمخاوف ومع اقتراب موسم الأمطار، نتوقع تجاوز أعداد المصابين 600,000 حالة بحلول نهاية العام وهذا أمر غير مسبوق".
وفي بيان له، أشار ماورير إلى أن "هذا التفشي من صنع البشر، فهو نتيجة مباشرة لأكثر من عامين من الحرب، انهارت خلالهما منظومة الرعاية الصحية، فصار الناس يموتون نتيجة أمراض مزمنة يمكن علاجها بسهولة وتعطلت الخدمات الرئيسية مثل التخلص من القمامة، كما رأيت بصورة جلية في تعز وما لم تبدِ الأطراف المتحاربة مزيدًا من الاحترام لقوانين الحرب، أخشى ما أخشاه أن نتوقع انتشار المزيد من الأوبئة في المستقبل".
وأفاد أن "اليمنيين شعب قادر على الصمود، ولكن إلى متى، لقد شهدنا، في سورية وغيرها، كيف يمتد عامان من النزاع إلى ستة، بل عشرة أعوام. قد يكون مصير اليمن مختلفًا، ولكني لا أرى الكثير من المؤشرات التي تمنحنا هذا الأمل. فمعاناة شعب اليمن تزداد قسوة ولقد التقيت عائلات كانت تضطر للوقوف أمام خيارات مستحيلة، بين شراء الخبز أو الماء أو الدواء لأطفالها"، مشيراً إلى أن "آلاف الأشخاص المحتجزين من قبل أطراف النزاع يقبعون في غياهب السجون، لا اتصال بينهم وبين ذويهم. بالأمس نظم عدد من أهالي هؤلاء الأشخاص وقفة احتجاجية أمام مقرّنا في صنعاء يطلبون الحصول على إجابات شافية بشأن ذويهم ولا شك أن أولويتنا تخفيف آلام هؤلاء الأهالي، لكن لكي نساعدهم يجب أن يُسمح لنا بزيارة المحتجزين وشاهدت بعيني هذا الأسبوع حجم الدمار الذي تلحقه الحرب بالمدن والمجتمعات المحلية والعائلات".
وناشد بـ"تغيير السلوك المُتّبع في الحرب ولا بد أن يكفّ أطراف النزاع عن استهداف المستشفيات ومحطات الكهرباء والمياه بالهجوم وإلا فلن نجني سوى المزيد من المآسي وعلى الأطراف المتحاربة، بما فيها دول التحالف، اتخاذ خطوات ملموسة الآن للتخفيف من المعاناة. فعلى تلك الأطراف التوقف عن رهن العمل الإنساني بتحقق مآرب سياسية، وتيسير تدفق المساعدات، والإمدادات الضرورية مثل الدواء، إلى اليمن وعبر أراضيه، ضمان وصول الوكالات الإنسانية إلى السكان الأكثر استضعافًا، منح اللجنة الدولية حق الوصول إلى جميع المحتجزين على خلفية النزاع بصورة منتظمة. وقد تلقينا وعودًا مُشجّعة بالتزامات من جبهتي النزاع هذا الأسبوع، ونأمل أن نلمس تطبيق ذلك في الأسابيع المقبلة، تخفيف القيود المفروضة على الاستيراد حتى يُستأنف النشاط الاقتصادي لليمن. وبالإضافة إلى ذلك، فإن من يقدمون العون للأطراف المتحاربة في اليمن يقع على عاتقهم ضمان احترام قوانين الحرب".
وأكد أنه "ثمة احتياج للتمويل الإنساني الآن أكثر من أي وقت مضى، غير أنه يجب على المجتمع الدولي أن يخطو خطوة إضافية إذ يجب عليه أن يسعى لإيجاد حلول لهذه الأزمة الضخمة، وأن يسعى إلى التأثير في سلوك الأطراف المتحاربة في أقرب وقت ولقد ضاعفت اللجنة الدولية ميزانيتها المرصودة لليمن هذا العام لتتجاوز 100 مليون دولار أميركي وسنواصل مكافحة الكوليرا وبذل أقصى جهودنا لمساعدة الفئات الأشد استضعافًا في اليمن وأهيب بالجميع أن يضاعفوا جهودهم في هذا المضمار. فالناس الذين التقيتهم هذا الأسبوع في اليمن يعتمدون على مسارعتنا لمساعدتهم. فلنثبت لهم إذن أننا منشغلون بالمحنة التي يعيشونها".