اكدت اوساط معنية بملف التسوية التي ابرمت مع النصرة، ان عملية التفاوض جرت "تحت النار"، وفي التفاصيل ان "جبهة النصرة" قررت الاذعان لشروط حزب الله بعد منتصف ليل الاربعاء الخميس، بعد ان اقتنع ابو مالك التلي ان اللعبة قد انتهت، ولا مجال للمناورة اكثر، فكلمة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله كانت حاسمة في بلورة موقفه، خصوصا ان سلاح المدفعية والصواريخ التابع للمقاومة اطلق عقب انتهاء الخطاب صليات من القصف المركز استهدفت المقر حيث يتواجد "التلي" مع قياداته العسكرية، وكانت «الرسالة» الامنية والعسكرية واضحة لجهة جدية حزب الله في اقفال هذا الملف سلماً او حرباً.
وبحسب تلك الاوساط، فان "امير النصرة" وضع نفسه في موقف لا يحسد عليه بسبب الحسابات الخاطئة التي ارتكبها منذ ان عرضت عليه التسوية قبل بدء المواجهة، حينها تبرعت قيادات في سرايا "اهل الشام" بنقل رسالة الى "التلي" تعرض عليه الخروج الآمن من الجرود، وبعد الموافقة يمكن الحديث عن شروط التسوية، لكنه رفض المبدأ وابلغ الوسيط ان التهويل بعمل عسكري لا يخيفه، وهو يدرك ان التسريبات الاعلامية والتحضيرات العملانية ليست جدية، ولن يقدم حزب الله على مغامرة خاسرة، وهو لذلك غير معني بتقديم اي تنازلات مجانية.
وبعد بدء المواجهات، ومرور 48 ساعة على بدء الهجوم ادرك «التلي» ان كل شيء انتهى، سقوط مواقعه المتقدمة، وانهيار معنويات مجموعاته العسكرية، والتقدم السريع لعناصر حزب الله، كلها عوامل ادت الى استنجاده بوساطات محلية من داخل بلدة عرسال، وعندما شعر انه «مش ماشي الحال» والامور تحتاج الى رفع مستوى الوساطة، تدخلت احدى الشخصيات العرسالية المحسوبة على تيار المستقبل والمقربة من الرئيس الحريري، قام هذا الوسيط بالاتصال بالجهات التركية المعنية بهذا الملف للتدخل وابرام صفقة ما، لكن رد الفعل التركي جاء باردا للغاية، وتبين ان الاستخبارات التركية ليست في وارد التحرك السريع في هذا الملف. وتحت ضغط العمليات العسكرية دخل على الخط مصطفى الحجيري ابو طاقية وابلغ يوم الثلثاء «الوسيط» ان «الجماعة» يريدون التفاوض.
بعدها بساعات، نجح "التلي" بالتواصل مع القيادة المركزية في ادلب، واوصل رسالة استغاثة الى امير جبهة النصرة ابو محمد الجولاني، شرح له فيها الوضع الصعب، واكد له فيها ان كل مجموعاته معرضة للابادة اذا لم تحصل تسوية ما تنهي القتال، وقد حاول الجولاني مجددا مع الاتراك، لكنه تلقى ردودا غير مشجعة. في تلك الاثناء كانت حدة المواجهات ترتفع مع تكثيف المقاومة لضرباتها الصاروخية المركزة، بالتزامن مع تقدم ميداني سريع، عندها رن هاتف اللواء عباس ابراهيم وكان على الخط وسيط سابق كان معتمدا خلال عملية اطلاق سراح راهبات معلولا، وقال له "الجماعة جاهزين".
ووفقا لتلك الاوساط، وافق «التلي» في الساعات الاولى على المغادرة مع مسلحيه وعائلاتهم، لكنه اشترط ان يأخذ معه «السلاح الثقيل»، والذهاب الى جنوب سوريا، وليس الى ادلب، فجاء الرد الحاسم من قيادة المقاومة، "نحن نقرر اين تذهب وليس انت"، لن تُخرجوا معكم الا السلاح الفردي، وقبل كل شيء لا تسوية دون الافراج عن الاسرى الخمسة، واي اخلال بهذه البنود تعتبر الصفقة لاغية.
بعد أخذ ورد، امتدت المفاوضات حتى الساعة الرابعة فجرا، وافق التلي على الخروج الى ادلب، والاكتفاء باخراج الاسلحة الفردية، لكنه ابلغ الوسيط ان جبهة النصرة ليس لديها خمسة اسرى للحزب، وانما ثلاثة، وهي مستعدة للافراج عن اثنين فقط.. عندها انهارت المفاوضات، وابلغت قيادة المقاومة اللواء ابراهيم بان يبلغ الوسيط بان التسوية قد الغيت، وانتهى الامر. عندها زاد الضغط الميداني بشكل غير مسبوق، فعاد الوسيط فجرا ومعه موافقة النصرة على اطلاق الاسرى الخمسة، وتم الاتفاق على وقف النار عند الساعة السادسة صباحا، على ان يتم تنفيذ التسوية خلال الايام المقبلة...
المقاومة تعهدت بعد الاتفاق مع الجانب السوري على تأمين خروج هؤلاء عبر طريق آمن الى ادلب، بعد ان يتم تقديم لوائح اسمية للامن العام اللبناني باسماء المسلحين وعائلاتهم المغادرة على ان يطلق بالتزامن اسرى الحزب، ويجري التنسيق لدخول الجيش اللبناني الى المخيمات في منطقة الملاهي ووادي حميد، وتبقى الترتيبات الخاصة بسرايا اهل الشام قيد التداول، مع اعلان هؤلاء استعدادهم لتسليم السلاح، والتفاوض مع الدولة السورية لاجراء مصالحات والعودة مع عائلاتهم الى الداخل السوري.