قفز مخيم عين الحلوة الى واجهة الاهتمام السياسي والامني اللبناني من بوابة المعركة في "جرود عرسال"، منذ بدئها من خلال منع اي تداعيات ارتدادية لها رغم الحرص الفلسطيني الوطني والاسلامي على الحياد الايجابي ترجمة للموقف الرسمي المعتمد، وعند انتهائها مع سريان مع الاتفاق الذي تم التوصل اليه بين "حزب الله" و"جبهة النصرة" الارهابية ونصّ على وقف اطلاق النار واخراج مسلحيها مع عائلاتهم وكل من يريد من النازحين السوريين طوعا، مقابل الافراج عن أسرى "حزب الله" الموجودين لدى "الجبهة" والتبادل الّذي حصل بين الطرفين.
بين البدء والانتهاء، ارتفعت التساؤلات، هل تتضمن الصفقة اخراج مطلوبين لبنانيين وفلسطينيين من المخيم الذي عانى في وقت سابق من "الامن الهش" والاشتباكات الدامية؟. حتى الان، وفق مصادر فلسطينية، فان كل التساؤلات ما زالت مجرد طروحات، وان لا ربط بين الأمرين، وما يؤكده، ان القوى الفلسطينية لم تتبلغ رسميا باي شيء، وقد أكد قائد "الامن الوطني" الفلسطيني اللواء صبحي ابو عرب، ان الامر في نهاية المطاف بيد الدولة اللبنانية التي لم تعط اي جواب، ونحن كقوى فلسطينية من حيث المبدأ، نرحب أن يكون هؤلاء المطلوبين كجزء من الصفقة لما له من انعكاس ايجابي على الوضع الامني في المخيم.
وتروي أوساط فلسطينية متابعة للملف لـ"النشرة"، ان أصل الطرح جاء بناء على رغبة من بعض المطلوبين المغادرة الى سوريا، وقد باشروا تسجيل اسماء الناشطين الاسلاميين الراغبين بالانتقال من المخيم، بهدف طرح الامر على قيادة "الجبهة" تحت عنوان وجود عدد لا بأس به من المطلوبين على استعداد للخروج كي لا يكون وجودهم سببا في توتير الوضع الأمني داخل المخيم او الجوار اللبناني ومن بينهم اللبناني الفار من وجه العدالة الارهابي شادي المولوي، اضافة الى سوريين وفلسطينيين مقربين من "الجبهة"، وقد جاء اعلان المشرف العام للتيار الاصلاحي في حركة "فتح" في لبنان العميد محمود عبد الحميد عيسى "اللينو" ليؤكد هذا الاتجاه، اذ أكد ان هناك 27 لبنانيا من بين 120 شخصا سجلوا اسماءهم للمطالبة بمغادرة مخيم عين الحلوة الى ادلب، مشيرا الى انه حتى الان لا يوجد اي موافقة رسمية حول مغادرة مطلوبين في المخيم ضمن الصفقة بين "حزب الله" و"النصرة" وان الجهة اللبنانية ترفض انتقال اي مطلوب بالاعمال الارهابية.
وفي تسجيل تلفزيوني، أيد القيادي الاسلامي الشيخ اسامة شهابي عملية الانتقال الى سوريا، واصفا الامر بانه "ليس ضعفا وانما لتفويت الفرصة ومنع اي مشروع لتهجير الشعب الفلسطيني". ومع موقف الشهابي، تحول الموضوع الى قضية رأي عام، إذ طالب ابناء المخيم مسؤولي الفصائل الفلسطينية الضغط على الدولة اللبنانية لإدراج المطلوبين ضمن الصفقة، تجنبا لإستغلال أفراد منهم بأعمال أمنية ضد لبنان واستقراره وسلمه الاهلي، وتاليا تدفيع المخيم ثمن ذلك واحداث اقتتال داخلي او فتنة مع الجوار.
الامن والانسحاب
الى جانب معركة "جرود عرسال"، بقي الاهتمام الفلسطيني منصبا نحو تحصين الأمن والاستقرار في عين الحلوة بعد تطورات سياسية وامنية متسارعة تمثلت باعلان حركة "حماس" انسحاب عناصرها من "القوة المشتركة" المتموضعة في "حي الطيرة" دون سواه، وحركة "انصار الله" انسحابها من "القوة المشتركة" في المخيم، مبررة ذلك بعدم التزام المعنيين بتعهداتهم وهو السبب ذاته التي اعلنته حركة "حماس" اي اقتصار التموضع عليها في "الحي" دون باقي القوى والفصائل الفلسطينية.
واوضحت مصادر مسؤولة في "حماس" لـ"النشرة"، ان انسحاب العناصر من داخل حي الطيرة، لا يعني الإنسحاب من القوة الأمنية المشتركة أو من القوة المتوضعة كلها، هؤلاء ما زالوا متواجدين في النقاط على الشارع المحاذي للحي أو في مقر الصاعقة"، مؤكدة ان السبب عدم استجابة الفصائل الفلسطينية لتعزيز القوة المشتركة وابقاء الامر مقتصرا على "حماس" وفصيل او اثنين فقط، فيما المطلوب ان يتحمل الجميع مسؤولياتهم، وسنكون في مقدمة من يشارك في التموضع داخل الحي عندها".
بينما أعلنت "انصار الله" في بيان منفصل، انسحابها من القوة المشتركة". وما لم تقله "حماس"، اشارت اليه مصادر فلسطينية وهو الاهم والابرز، بان الناشطين الاسلاميين الذين دخلوا على خط الوساطة لوقف اطلاق النار في المعركة الاخيرة التي حصلت بين حركة "فتح" و"القوة المشتركة" من جهة" ومجموعة الناشط الاسلامي بلال بدر من جهة اخرى وساهمت في عملية تسهيل نشر القوة المشتركة في "حي الطيرة"، أبلغوا الامن الوطني انسحابهم من الحي بعدما لم يتم الالتزام بالوعود بانسحابهم من "حي الصحون" المجاور الذي تموضعوا فيه ابان الاشتباكات.
وهذا الانسحاب قد يؤدي الى توتير أمني جديد، ستجد "حماس" نفسها امام خيارين، الاول ترك الامور على غاربها وبالتالي اتهامها بالتواطؤ معه، او مواجهته وحدها وهو ما لا تريده بحيث يكون القرار جماعيا، علما ان هذا التطور جاء بعد ثلاثة ايام فقط على جولة ميدانية قام بها قائد "القوة المشتركة" الفلسطينية في مخيم عين الحلوة العقيد بسام السعد، مع اعضاء قيادة اركانها الى "حي الطيرة" حيث اطلع على حجم الاضرار ومعاناة سكانه، قبل الدخول الى منزل الناشط الاسلامي بلال بدر في بستان "الطيار"، في اشارة ضمنية الى استقرار الوضع الامني وعدم تواجده فيه.
وقد حملت الجولة رسالة مزدوجة، الاولى مفادها ان الوضع الامني في الحي وكل انحاء المخيم مستقرة وتسير قدما نحو الافضل، والثانية ان "القوة المشتركة" تأخذ على عاتقها تأمين الحماية لوكالة "الاونروا" واي من المؤسسات المحلية والدولية التي تريد ان تساهم في اعادة اعمار او ترميم المنازل التي تضررت بفعل الاشتباكات، وان لا منطقة "عصية" على "القوة المشتركة" وكل احياء المخيم وحاراته مفتوحة امامها، وان الخطوة جاءت لامتصاص "التوتر" الذي وقع بين الامن الوطني بإمرة العقيد ابو اشرف العرموشي وبعض الناشطين الاسلاميين، منذ ايام على خلفية رغبة البعض اعادة الاعمار والبناء في الحي في المنطقة المقابلة لبستان "الطيار".
خلاصة الامر، فان هذين الملفين سيبقيان مدار اهتمام هذا الاسبوع، وسط قلق من تداعيات الانسحاب من الحي والذي ترك بلبلة في صفوف ابناء المخيم ومخاوف من توتير امني جديد، وقد سارع قائد القوة العقيد السعد الى طمأنتهم بان ان الوضع الامني في حي "الطيرة" مستقر رغم الانسحاب، داعيا الى عدم الانجرار وراء الشائعات التي تهدف الى توتير الوضع الامني.