لا مناص من تحرير الأرض التي تحتلها «داعش». هذه حتمية وطنية، وحتمية سيادية، وحتمية إقتصادية. فمن غير المقبول أن تكون الأرض اللبنانية تحت الإحتلال (أياً كان المحتل) وان يبقى اللبنانيون يتفرّجون على هذه الحال الشاذّة مع ما يترتب عليها من تداعيات على السيادة والإستقلال، وعلى الأمن والإجتماع، وعلى السياحة والإقتصاد.
ومرة جديدة: لسنا من هواة نكء الجراح... ولكن لا يمكن تجاوز التذكير بالخطيئة الاستراتيجية والوطنية الكبرى التي تمثلت بعناصر عديدة أبرزها الآتي:
أولاً - السماح، أصلاً، للإرهابيين بأن يستقروا في أرضنا ويقيموا عليها أبشع نماذج «الدولة».
ثانياً - السماح، لاحقاً، لهؤلاء المسلحين بأن يدخلوا بلدة عرسال من دون منعهم، ثم من دون طردهم منها بالقوة.
ثالثاً - السماح، في ما بعد، لهؤلاء الإرهابيين (عبر تسوية مذلّة جداً) أن ينسحبوا من عرسال وقد اقتادوا، معهم، نحو 35 من جنود الجيش وعناصر قوى الأمن الداخلي (والباقي - المأسوي - معروف!..).
رابعاً - وكان يجب أن يكون أولاً - السماح للنزوح السوري بهذا التمدّد العشوائي الخطر جداً جداً. وأمامنا إنموذجان بارزان جداً: الإنموذج التركي والإنموذج الأردني اللذان أقاما مخيمات للنازحين السوريين على الحدود مع سوريا وليس عشوائياً في الداخل، كما حصل عندنا في هذا الوطن المنكوب بالمزايدات والمزايدين... حتى إذا إرتفع صوت يتكلم بالمنطق إنهالت عليه الإتهامات الجانية الموجودة في «المستودع» لاستحضارها في المناسبة السانحة للمزايدين...
واليوم، وفيما الحدث في الجرود مفتوح على الإحتمال الكبير (والمؤكد) بحتمية المواجهة مع إرهابيي داعش... المواجهة المقرر أن يقوم بها جيشنا اللبناني، فإننا ندعو الى إجراء مفاوضات مكثفة، يتولاها مفاوضون مشهود لهم، بهدف التوصل الى حل سلمي وأساسه وتفاصيله تختصر بما يلي ولا شيء سواه:
1 - إنسحاب كامل تام ناجز للمسلحين من الجرود من دون أي قيد أو شرط.
2 - الكشف النهائي الصحيح عن مصير جنودنا الذين إختطفهم داعش الإرهابي.
نقول بالتفاوض وباستنفاده حتى آخر مداه قبل اللجوء الى العملية الجراحية الصعبة (العملية العسكرية) التي سيتولاها الجيش... وطبعاً عدم تمكين الإرهاب من إستغلال التفاوض بهدف الجرجرة والتمييع والإستفادة من الوقت لتحقيق الأهداف المشبوهة.
وفي تقديرنا أنّ المشهد يجب أن يُقرأ، الآن، على هذا النحو:
أ - الأولوية للتحرير.
ب- الأولوية في عملية التحرير للمفاوضات.
ج - عدم «التبرّع» و«التطوّع» للتدخل في شؤون الجيش وفي قراره التقني والإجرائي، بدعوى النصيحة والغيرة وسائر مفردات «صفّ الحكي» الذي يعارض لسان المتكلّم به حقيقة ما في قلبه وطواياه.
وأضعف، أضعف، أضعف الإيمان أن يكون الجميع وراء الجيش.