في معركة جرود عرسال ضدّ الإرهاب، حققت المقاومة الأهداف كاملة، وكان بمقدورها أن تقضي على ما تبقى من فلول جبهة النصرة الإرهابية، بعدما حاصرتها ضمن نطاق لا يتعدّى كيلومترات قليلة.
لكن، المقاومة التي تحتفظ دائماً بعنصر المفاجآت، فاجأت المراقبين والمتابعين، حين قرّرت أن تحقّق بالحسم السريع وبفرض شروطها انتصارين متكاملين ومتلازمين في معركة جرود عرسال، الأول تحرير هذه الجرود من الإرهاب وآثامه وإجرامه وحقده، والثاني تحرير عدد من أسرى المقاومة لدى جبهة النصرة الإرهابية، واستعادة عدد من الجثامين التي تعود لمقاومين ارتقوا شهداء في عدد من المناطق السورية.
بشروط المقاومة بدأ أمس تنفيذ ما اصطلح على تسميته «صفقة»، فوصلت جثامين خمسة شهداء كانت تحتجزهم جبهة النصرة، وجرى لهم استقبال شعبي حاشد. واليوم هو موعد تحرير الأسرى المقاومين. وبالتزامن يُسمح للعناصر الإرهابية بمغادرة مكان انتظارهم في جرود عرسال إلى الجهة التي يقصدونها، ومعهم الإرهابي أبو مالك التلي وأمواله وما ملكت يمينه.
اليوم تستكمل «الصفقة» التي فرضتها المقاومة، لتشكل مشهدية كاملة، الجيش اللبناني والأمن العام وسائر المؤسسات جزءاً أساسياً منها، إنْ على صعيد عملية التفاوض والمتابعة أو على الصعيد اللوجستي، وبهذه المشهدية تكون المقاومة قد أرست قواعد جديدة، تمنح معادلة الجيش والشعب والمقاومة عناصر ثبات وقوة إضافيتين. وبالتأكيد في ظلّ هذه المعادلة التي تصون لبنان وتحميه، لا أحد يلتفت إلى الخلف، حيث بعض اللبنانيين في جحورهم، يتوهّمون إمكانية النيل من هذه المعادلة الذهبية بحملات مشبوهة ومنطق أعوج وأسلوب هزليّ سمج.
ما هو مؤكد أنه في معركة جرود عرسال، حضر الجيش بقوة، وشكل ظهيراً للمقاومة والناس تضامنت دعماً وتأييداً. وفي المرحلة الثانية الآتية من معركة الجرود اللبنانية لطرد الإرهاب، ستشكل المقاومة ظهيراً وسنداً للجيش اللبناني والناس حولهما ملتفون. فلماذا يصرّ «منسّقو الهدايا» على استباق النصر في جرود القاع ورأس بعلبك بالهجوم على ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة؟
الانتصار المزدوج في جرود عرسال تمّ، وهو بلسان قائده انتصار لكلّ لبنان وعموم اللبنانيين. أما مَن لا يريد أن يتقبّله، فهذا شأنه. لكن، ليس لأحد شأنٌ حين يضع سلاح المقاومة على لائحة الهدايا. فهذا السلاح بيد أهله يهدي انتصارات. وهو جزء من معادلة قوة لبنان في عناصر قوته.
اليوم احتفالية تحرير جرود عرسال، وتحرير مقاومين واستعادة جثامين أبطال، وفي الأيام المقبلة يأمل اللبنانيون تحرير العسكريين المختطفين نتيجة تحرير باقي السلسلة… واكتمال عِقد الكرامة.