ليس من عبث أُطلقت على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تسمية بي الكِل، فهذه التسمية آتية من أنّه الضمانة والسد المنيع في ما يُتَّخذ من قرارات وتكون مجحفة بحق نسبة كبيرة من الناس، فيعمل على تقويمها وجوجلتها لتأتي لمصلحة الناس، وإذا لم تكن كذلك فإنه يعمد إلى ردِّها بغية التصويب والتصحيح.
اليوم هناك قرارات كبيرة اتُخذت، ولتصبح نافذة لا بدَّ من أن تقترن بتوقيع رئيس الجمهورية، وأهمُّ ما في هذه القرارات:
سلسلة الرتب والرواتب، والإيرادات الضريبية لتمويلها ولتغذية الخزينة.
الإيرادات، في معظمها، هي عملية أخذ من الجيوب من دون درس الإنعكاسات السلبية. هناك مَن يقول إنَّ المصارف انتظرت العقوبات من الكونغرس الأميركي فجاءتها من مجلس النواب اللبناني.
ماذا في حقيقة الأرقام؟
تفيد دوائر قصر بعبدا أنَّ معطيات موثوقة باتت في عهدة الدوائر المختصة في رئاسة الجمهورية، وهي مرتبة في شكل تقارير تحمل أرقاماً لا تدعو إلى الإرتياح على الإطلاق، وبعضها يتخذ صفة الخطورة، ومعظمها يتعلَّق بالأكلاف التي ستتكبدها الخزينة، الفارغة أصلاً، من جراء ما طُرح من زيادات.
والخطير في الأمر أيضاً أنَّ هذه التقارير تتشابه مع معطيات لمؤسسات دولية تحذّر من أن يقدم لبنان على الإفراط في الصرف، من دون تقدير حجم ما يمكن أن يُحصِّله من إيرادات، وتقول التقارير الدولية:
إنَّ أغنى الدول من صناعية ونفطية تئنُّ تحت أعباء أزمة الإقتصاد العالمي وتداعياتها، فكيف بلبنان الذي ينوء تحت أعباء مليوني نازح سوري ونصف مليون لاجئ فلسطيني وبنى تحتية يرثى لها وغياب فرص العمل.
هذه المعطيات لا يمكن إغفالها، خصوصاً من جانب رئاسة الجمهورية التي لا ترى حرجاً في إعادة النظر بكل ما من شأنه أن يضرب الوضع اللبناني.
فكلفة رواتب المتقاعدين الواردة في السلسلة تحظى بأعلى درجات المخاوف لأنَّها تضخمت على مدى عقد من الزمن، وهناك مَن يقول إنَّها ارتفعت بنسبة 150 في المئة لتصل إلى 2500 مليار ليرة، فمن أين ستأتي إيراداتها غير المحققة؟
إنَّ المعادلة واضحةٌ وضوح الشمس، وليس بالإمكان تجاوزها تحت أي ظرف من الظروف، وهي تقوم على ما يلي:
إنَّ المطلوب هو تحصين حقوق اللبنانيين في أن يعيشوا حياة كريمة، لكن حدود هذا العيش في أن لا يؤدي ذلك إلى تصديع الإقتصاد وجعله ينهار.
لا اقتصاد متيناً قائماً على الديون والقروض، فتصير مواعيد البلد قائمة على روزنامة متى ندفع الدين أو فوائد الدين؟
حين يقتنع المسؤولون بهذه المعادلة، يكون البلد أمام الخطوة المتقدمة في التحصين ضد خطر الإنزلاق في الهاوية.