لا يمكن أن يمرّ الحريق الذي طال أكثر من ثلاثمئة هكتار في القبيّات مرور الكرام، خصوصاً وأنه أتى على مساحات كبيرة من الاراضي الخضراء من بينها جزء من محمية "كرم شباط" في أعالي البلدة وتحتوي على أشجار الأرز المعمّرة، اللزاب، الشوح الكيليكي... هذا النوع من الحرائق يتكرّر في كلّ عام ليضع علامات إستفهام حول أسباب نشوبه وطريقة مكافحته؟!.
بحسب الخبير المحلف في أمور الحرائق محمّد أيوب والذي كلّف بالكشف على مكان الحريق وتقديم تقرير عن أسباب نشوبه فإن "عامل الطقس والحرارة في لبنان لا يؤدّيان أساسًا الى نشوب حرائق فكيف إذا كان بهذا الحجم"؟، كاشفاً في نفس الوقت لـ"النشرة" أنه "بعد الكشف على المكان الحريق تبيّن أنه "مفتعل" و"أتى" على مساحة ضخمة من الاراضي كما قضى الحريق على دراجتين ناريتين، وأراضٍ للدولة فيها تفاح وكرز وخوخ ودراق وإجاص، أي أنه أتى على الثروة الطبيعية والزراعية، كما أن هناك منازل احترقت وتضرّرت شبكة المياه في البلدة". بدوره رئيس بلدية القبيات عبدو عبدو أكّد لـ"النشرة" ما قاله الخبير أيّوب لجهة افتعال الحريق، "ولكننا لا نستطيع أن نتهم أحداً"، شارحاً أن "الحريق الذي عاد ليتجدّد شبّ في نقطة مركزة في أول الوادي وبعكس الهواء تماماً"، ومشيراً في نفس الوقت الى أن "هناك خمس سيّارات عملت لاطفاء الحريق، ولم يكن متوفرا العدد الكافي من العناصر البشرية لإخماده بسرعة".
رئيس بلدية القبيات الّذي استبعد أن "يكون سبب الحريق رغبة أحد ما باستثمار الاراضي نظراً لضخامة حجمها، أشار الى أنها ممسوحة وتعود ملكيتها للدولة (بالتالي لا أحد يستطيع أن يستعملها لصالحه لأنها أملاك عامة)، مع تداخلها وبعض الأملاك الخاصة أيضاً". وفي هذا الاطار وبغضّ النظر عما إذا كانت أملاكا عامة أو غيرها فإن شهيّة الاستثمار الشخصي للاراضي تبقى مفتوحة من قبل النافذين، وهنا تذكّر مصادر مطلعة "بالقانون رقم 92 الذي صدر بعهد رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان في العام 2010 ويقضي بالمحافظة على المساحات الخضراء المحترقة وعدم تغيير وجهة استعمالها"، لافتةً الى أن "القانون يمنع تغيير عوامل الاستثمار في المناطق الحرجية المحترقة لأي سبب كان، ويفرض على الدولة من خلال الوزارات المعنية في مهلة أقصاها 18 شهراً أن تعيد تشجيرها واعادتها الى سابق عهدها"، وتضيف: "في حكومة العام 2009 التي كانت برئاسة فؤاد السنيورة تم اعتماد الاستراتيجية الوطنية لادارة حرائق الغابات والتي أعدتها وزارة البيئة آنذاك، والتي تهدف الى تقليص خطر الاندلاع المتكرر لحرائق الغابات المتكررة، بالتزامن مع تفعيل أنظمة للحرائق ذات استدامة اقتصادية إجتماعية وبيئية"، متسائلة "ماذا فعل وزراء البيئة المتعاقبون من محمد رحال وحتى اليوم بهذه الاستراتيجية الوطنية وماذا حققوا من بنودها"؟!.
في الخلاصة ومع وجود الاستراتيجية المذكورة، فإنّ المطلوب من وزير البيئة طارق الخطيب للعمل على تفعيلها لأنّها ستوفر خسارة الكثير من المساحات الخضراء التي باتت نادرة، وملاحقة مفتعلي الجريمة البيئيّة لتقديمهم الى القضاء ومعاقبتهم.
للإطلاع على الإستراتيجية الوطنية لادارة حرائق الغابات في لبنان أنقر هنا
للإطلاع على قانون المحافظة على المساحات الخضراء المحترقة وعدم تغيير وجهة استعمالها أنقر هنا