وآسفاه حتى الأمن أصبح بالواسطة. في عيد انتصار الجيش هل يستعيد العلويون شيئاً ما؟ في القضاء فراغ كامل من العلويين.
عندما يكتبُ شيخٌ مثلي في حقوق العلويين "المعيشية والاجتماعية والسياسية"، فاعلموا يا سادة أنَّ من يدعي تمثيلهم يغطُّ في سباتٍ عميقٍ: سواء المجلس الإسلامي العلوي أو النائب المستقبلي...
يُشتكى أمام شيخٍ مثلي لا يملك شيئاً في حياته سوى صوته الإعلامي: فاعلموا أيضاً أيها البشر أنَّ الوجع فاق كلَّ تصوُّرٍ لدرجةٍ يُقالُ فيها أنَّ الغريقَ يتعلق بقشةٍ، وأكبرُ ظنّ من يراجعني بعدما راجع الجميع رُبَّما أنْ أكون تلك القشة المنقذة.
وبداية، كل الولاء والتقدير للجيش اللبناني العظيم حامي الأرض والعرض، وللأجهزة الأمنية اللبنانية كلها، وإنَّ شكوانا الكبيرة هذه ما كانت لتخرج على لسانِنا عبر الإعلام لو رأينا وسيلةً أخرى. فمن ادعى تمثيلنا همّه في نفسه، ونحن والحمد لله عكسه، همنا هو الإنسان والوطن.
وكم أتمنى أن يُنظر إلى مقالنا هذا كمنطلقٍ لتعزيز انتمائنا كمستضعفين في الوطن، وليس من زاوية أخرى ما أحببناها يوماً، ولا نريد أن يُنظر إلينا منها (الطائفية). وسؤال يتبادر في ذهن الجميع: أين العلويون من القيادات الأمنية؟.
بعد البحث والسؤال، نرى أن ما يأخذه العلويون من المراكز الأمنية هو الفتات ليس أكثر، مراكز يضربوننا بها بمنّة غير مقبولة، جميع هذه المراكز يلزمها ضابط من فئة ضابط عون (نقيب وما دون) ليس أكثر. والمطروح: أين مراكز الضباط القادة؟ هل نكتفي بصفة مساعد؟ عجيب غريب بأنه لا يوجد في كل وزراة الداخلية بأجهزتها كافة مراكز قيادية للعلويين.
وبعد توزيع المناصب لأصحاب النفوذ والمحسوبيات، لم يحسبوا حسابنا في شيءٍ.
وعند المطالبة بإعطائنا مركزاً قيادياً، يبادروننا بالكلام: ليس لديكم مراكز قيادية باختصار.
فما السبب؟
هل يتم اختيار المناصب القيادية على أساس النظافة والسمعة والكفاءة، أم أنها توزيع طائفي؟
فإذا كان الاختيار على أساس الكفاءة، فإنني أعتقد أنَّ ضباطنا يتمتعون بالكفاءة والنزاهة ونظافة الكف. وإذا كان الإختيار على أساسٍ طائفيٍ أين حقوقنا؟.
لا قيادة سرية إقليمية، ولا مفرزة قضائية ولا استقصاء، ولا حتى ضابط في شعبة المعلومات... لماذا؟
إذا أرادوا إنصاف هذه الطائفة لا بُدَّ من إعطائنا مركزين قياديين: أقله لإنصافنا.
ومنذ ما يقارب الثلاث سنواتٍ تم تعيين ثلاث محافظين لعكار وبعلبك-الهرمل والنبطية، ولغاية تاريخه لم يتم تعيين قيادة أمنية لتلك المحافظات، والتي من شأنها استحداث مراكز قيادية جديدة من سرية إقليمية ومفرزة استقصاء وتحرٍّ. فهل يريدون إعادة توزيعها للطوائف الكبيرة؟ أم سيشركون الأقليات فيها؟!.
والسؤال البديهي: لماذا لا ينصفوننا نحن، وينصفون أيضاً إخوتنا الدروز والروم الكاثوليك؟...
لماذا لا يعيّنون ضباطاً لقيادة هذه المناطق؟. هل سيختلفون لمن ستؤول؟. بالإضافة إلى هذا الحرمان، هل يجوز أن تعامل طائفتنا بدونية؟.
ترى ضباطاً مدعومين: نفوذ وسلطة، وضباطنا يا حسرتي عليهم. ( فقط لأنهم من الطائفة العلوية)، كل ذنب هذا العلوي أنه لا ظهر له ولا نائب ولا مجلس. وآسفاه حتى الأمن أصبح بالواسطة. لسان حالنا جميعاً.
والسؤال الثاني الذي نطرحه، إن كان عقلي كعلوي أقلوي في هذا البلد الطائفي صار قابلاً للمحاصصة الطائفية، واعتاد الحرمان في كل مكان، وصار العجيب عنده في صدفةِ تعيين من هنا او من هناك يأتي بها ذكرٌ لاسمه... ولكن الشيءَ الذي لا يمكنني تفهمه ولا قبوله هو ان تنسحب المحسوبيات الطائفية على توزيع المراكز داخل القيادات في صفوف الجيش اللبناني العظيم.
هذا الجيش الذي يعشقه العلويون ويبذلون أرواحهم في سبيله، ويتغنّون به ربما أكثر من سواهم لأنهم يرون فيه درعهم الحصين الوحيد الذي يحميهم من طعنات الزمان في مجتمع طائفي متقلب حتى لا تزهق أرواحهم في غفلة تاريخية مجنونةٍ. فكل ألوية الجيش وأفواجه وفروعه ضاقت على ضابطٍ علوي يقود إحداها؟!. وأكبر حلم يمكن أن يصل إليه قيادة كتيبةٍ ما، طبعاً ليست أمنية.
فتتكسر أحلام طائفةٍ بأكملها على عتبات السياسيين الذين ربما لا يريدون لجيشنا البطل أن يخرجوه من دائرة محاصصتهم الطائفية والمناطقية البغيضة.
والسؤال الثالث الأخير: هل يعقل أن يكون القضاء اللبناني المتمثل بوزارة العدل بكل محاكمها ونياباتها العامة ودوائرها فارغةً من قاضٍ علويٍّ او كاتبِ عدلٍ أو حتى مساعد قضائي؟!.
وقد أعلن مجلس القضاء الأعلى عن تنظيم مباراةٍ لتعيين ثلاثين قاضياً متدرجاً في معهد الدروس القضائيةـ قسم القضاء العدلي ، وفق مباراةٍ يجريها مجلس الخدمة المدنية، فرجاؤنا ثم رجاؤنا إن نجح أحد العلويين أن يتم قبوله وتعيينه وليس رفضه بناءً على محاصصةٍ طائفية صارت بالفعل مقيتة. فهل في هذه الأيام المباركة التي يسجل فيها جيشنا البطل انتصارات كبيرة ضد الإرهاب سينعم العلويون بانتصار انتمائهم إلى هذا الوطن الجميل؟.
ويا ليت صرختنا الدائمة الحقة تصل إلى أسماع الرؤساء الثلاثة فيتحركون صوبنا بقليل من العطف والإهتمام، وسلامٌ على طيبِ الكلامِ.