تتصاعد المؤشرات الى أنّ مجلس الوزراء مهدّد بالشلل... وهذه حال يأمل اللبنانيون ألاّ نصل إليها لأن فيها خراباً على خراب، ولأنها تعود بالبلد الى ما دون نقطة الصفر... ويكفي مجرّد استذكار مرحلة الشلل التي عشناها غير مرّة في السنوات الأخيرة، لندرك الضرر الذي يترتب على أي خلاف داخل السلطة التنفيذية، وداخل البلد عموماً.
والمسألة التي إعترضت مجلس الوزراء، في جلسته الأسبوعية في السراي الكبير أمس ليست جديدة، ونرى ان نبدي حولها الملاحظات الاتية:
أولاً - إن الأفرقاء في الحكومة معروفة ميولهم وتحالفاتهم والتزاماتهم السياسية ليس فقط منذ ما قبل تشكيل هذه الحكومة، بل منذ عقود. وبالتالي لا يمكن لأي طرف أن يدعي أنه فوجىء بأن وزيراً من حركة أمل وآخر من حزب اللّه وثالثاً من تيار المردة ورابعاً من هذا الحزب أو ذاك التيار (...) زار ويزور وسيزور دمشق. فالمفاجأة هي في عدم قيام هؤلاء الوزراء مع حلفائهم بزيارة دمشق (...).
ثانياً - لو كلفت قيادة أمل أو قيادة حزب اللّه أو سائر القيادات التي إنبثق منها هؤلاء الوزراء، هذا الوزير أو ذلك، زيارة دمشق، فهل يرفض أن ينفذ لأن مجلس الوزراء، «ينأى بنفسه» (ما شاء اللّه) عن الأزمة السورية؟!. فمن يتصوّر وزيراً يقول لأصحاب السلطة الفعلية عليه أنه لن يلبي التعليمات، وبالتالي فهو لن يذهب الى دمشق؟!.
ثالثاً - إن مسألة النأي بالنفس مسرحية لبنانية غير موفّقة... وليؤذن لنا أن ندّعي أنها فاشلة، وبامتياز. ومن لا يصدِّق فليسأل رئيس الحكومة السابقة، ورئيس الحكومة التي سبقتها، ورئيس هذه الحكومة بالذات سعد الحريري، ليدرك أنّ النأي بالنفس هو دفن للرؤوس في الرمال، وهو نوع من الكذب على الذات في أفضل الحالات. ونحن مع النأي بالنفس الحقيقي وليس بالحكي...
رابعاً - إن إنخراط أطراف لبنانية عديدة، ممثلة في الحكومة، بالأحداث السورية هو علني وغير مغطّى حتى بورقة تين... والمنخرطون، أياً كانوا، لا يستحون بفعلتهم، ولا يعدمون الأعذار والحجج والذرائع...
خامساً - لا شك في أن هذه المسألة التي استأثرت بحيّز بارز من مناقشات مجلس الوزراء، أمس، هي ذات صلة بتطورات الجرود وباستعداد الجيش اللبناني ليخوض معركة تحرير الأرض التي يحتلها «داعش»، وما يقال حول مشاركة حزب اللّه والجيش السوري في العملية (من داخل الحدود السورية).
وبعد، هل نبالغ إذا حذّرنا من مخاطر الإيغال في الخلافات داخل مجلس الوزراء؟!. قد لا نكون مبالغين لأننا نخشى أن نقع في دوّامة لا قرار لها، فيصبح الإختلاف في الرأي (وهو حق مشروع) خلافاً على كل كبيرة وصغيرة، الى أن نصل الى حيث يتعذر الرجوع، فنقع في المحظور.
إلاّ أنّ هذا لا يلغي إطلاقاً الحق في إثارة الموضوع من زاوية سعي أطراف لإنعاش العلاقة مع النظام السوري كما أثارها وزراء في الجلسة والدكتور سمير جعجع في معراب. ولكننا نأمل، دائماً، أن يكون ذلك في إطار عدم تعريض مجلس الوزراء الى خضة توصله الى الشلل... ومن كواه الحليب يخاف اللبن.