اوضح رئيس اساقفة بيروت المارونية المطران بولس مطر ان "عندما عقد السينودس من اجل الشرق الاوسط العام 2010 جدد الآباء بحضور قداسة البابا ايمانهم بأن خلاص الشرق يمر عبر فكرتين اساسيتين: الفكرة الاولى هي فكرة الحرية الدينية واحترام الاديان واهلها بعضهم لبعض، والفكرة الثانية هي ان نكون متساوين بالكرامة مشاركين معا في صنع المصير، كل الناس مع كل الناس فتتم اخوة لا بد منها من اجل ان يتقدم هذا الشرق تقدما انسانيا حديثا. وليس امرا غريبا - بل يثلج الصدر - ان السيد عبدالله هو الذي نادى من دمشق منذ مئات السنين بإحترام الحريات الدينية، منذ مئات السنين يقول لاهل الشرق جميعا احترموا اهل الاديان، واحترموا بعضكم بعضا. وقد تنبهت للكلمة التي قالها بولس الرسول رجال الله يتلاقون، يقول بولس بادروا بعضكم الى بعض بالإكرام، إفرحوا مع الفرحين وابكوا مع الباكين، كونوا انسانيين في علاقتكم بعضا مع بعض، فكلكم ابناء جلدة واحدة لها رب واحد وهو الذي في السماء".
وخلال قداس في كنيسة سيدة المعونات لمناسبة عيد انتقال السيدة العذراء، اشار الى ان "هذا الموقف هو الموقف الانساني الخلاصي، هذه روحكم يا ابناء عبيه والجبل، ونحمد الله على اننا على هذا الاحترام المتبادل، مقيمون على هذا العهد، عهد الإكرام بعضنا لبعض، الدين لله - هكذا قال مؤسس لبنان الحديث - والوطن للجميع. فلا تنسينا هذه القاعدة الجديدة، كل يعبد ربه على طريقته، ونحن نحترم طرائق بعضنا بعض، هذا هو سر لبنان وسر اجتماع اللبنانيين على وطن واحد يكون لهم جميعا، ويكون لكل منهم فيه متنفس لعبادة ربه حسبما يلهمه ضميره، ثم نلتقي لصناعة الخبز وتأمين الرغيف بعضنا لبعض، بالإكرام والمساواة".
واكد "اننا جئنا الى هذه الكنيسة نفتحها للعبادة من جديد، وكأنها ما اغلقت ابدا، لأن القلوب في عبيه بقيت منفتحة على القلوب، أصيلة في وطنيتها، محبة لهذا الوطن الجميل، ولكل اهله، ولذلك عندما نعود الى الجبل، نعود الى اصالتنا والى ذواتنا جميعا"، مضيفا "نحمد الله على ان هذا الجبل يشكل ضمانة كبرى للوحدة الوطنية في لبنان، لأن هذا الجبل وقادته التاريخيين الكبار كانوا اساس انطلاق هذا الوطن السيد الحاضن كل ابنائه بالكرامة والمساواة. ولذلك لبنان مدين كله لاهل هذا الجبل. وسنبقى واياكم على هذا العهد، من اجل لبنان، لا للبنانيين وحدهم بل للمنطقة بأسرها، التي هي بحاجة للروح اللبنانية لتجد خلاصا لها لما تتخبط فيه من مآسي".
وشكر "الله على كل ما تحقق الى الآن، نشكر الذين عملوا ويعملون على ترسيخ المصالحة في هذا الجبل الأشم، نشكر الهيئات المدنية الحاضرون بينكم يسعون للحفاظ على هذه الروح الصافية التي تجمعنا وتصوننا من أي شطط او أي خطأ، نشكر الله على ان العذراء مريم هي ام شفيعة مشفعة لدى جميع الطوائف والملل في لبنان، يبادرونها بالإكرام، يطلبون شفاعتها ببيوتهم وبصحتهم منذ مئات السنين".
وذكر "بمنطقة قريبة لعبيه وهي منطقة خلدة والناعمة حيث اقيمت سيدة خلدة محجا لكل الناس من مسيحيين ودروز ومسلمين، مؤمنين كلهم بالرب، برحمته علينا جميعا، يسألون العذراء مريم شفاعة لدى الله لكي يكون الناس بمأمن في صحتهم وبيوتهم وارزاقهم. هذا هو تراثنا ايها الاعزاء، نسأل الله ان يستمر في قلوبنا حاضرا مجددا الى الأبد".