اليوم احتفالية نصر، وغداً نصر آخر… وهذه نتيجة طبيعية وحتمية، يدركها الذين آمنوا أنّ التحرير لا يتمّ إلا عن طريق المقاومة، والذين تعلّموا في مدارسها النضالية، «إذا تركت أمة ما اعتماد البطولة في الفصل في مصيرها، قرّرته الحوادث الجارية والإرادات الغريبة»… و«أننا نحبّ الحياة لأننا نحبّ الحريّة. ونحبّ الموت متى كان الموت طريقاً إلى الحياة».
بهذا الإيمان، ندرك أيضاً أهمية القول إنّ «زمن الهزائم ولّى»، لأنّ كلّ من اختار بإرادته السير على طريق البطولة دفاعاً عن الأرض والحق والحرية، سيحقق الانتصارات، مهما قدّم من دماء وتضحيات.
بهذا المعنى، فإنّ نصر 14 آب 2006، شكّل منعطفاً مفصلياً في الصراع الوجودي ضدّ العدو الصهيوني، ليس لأنه النصر الوحيد الذي تحقق، بل لأنه رسّخ معادلة جديدة فرضت واقعاً ردعياً جعل العدو يحسب ألف حساب، كلما قرّر عدواناً جديداً.
نصر 14 آب، تأسّس على سلسلة من الإنجازات الكبيرة التي حققتها قوى المقاومة ضدّ العدو الصهيوني، وأثمرت تحريراً في العام 2000، وهذا النصر أسّس للنصر على الإرهاب في جرود عرسال وللنصر المنتظر في جرود رأس بعلبك والقاع. ولو لم يتحقّق النصر في 14 آب، لما كانت كلّ هذه الانتصارات.
حرب تموز 2006، كانت من أخطر الحروب على لبنان، فهي استهدفت تصفية المقاومة، مهما كلف الأمر من سفك دماء وتدمير بُنى، لأنّ المخطط جعل لبنان منصة انطلاق لإقامة شرق أوسط جديد متصهين.
حرب تموز لم تكن حرباً تخوضها «إسرائيل» وحدها، بل كانت معها الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها، وكان معها عربُ الاعتلال الذي وصفوا المقاومين بالمغامرين. وعلى وقع القصف والعدوان كان بعض اللبنانيين يوجّهون الشكر للوزيرة الأميركية كونداليزا رايس على صبرها، وهي التي كانت تُصرّ على مواصلة الحرب، والبعض الآخر جمعته بالعدو علاقة «الشاي».
لذلك، فإنّ من أهمّ نتائج نصر آب، أنّه أقام معادلة الجيش والشعب والمقاومة، كأهمّ وأفعل «سلاح قوة استراتيجي» يمتلكه لبنان في مواجهة أعدائه. وهذه المعادلة صارت استراتيجية تعتمدها سورية والعراق، وبها يحققان الانتصارات ضدّ الإرهاب ومشاريع التقسيم والتفتيت.
وأهمية النصر أنه أسقط مخطط «الشرق الأوسط الجديد» الذي حاول العدو الصهيوني والولايات المتحدة الأميركية والعرب المتأسرلون وأدواتهم وأعوانهم، تنفيذه انطلاقاً من لبنان، من دون الحاجة الى دفع تكاليف «الربيع العربي» الذي استنفد خزائن النفط الخليجي دعماً للمجموعات الإرهابية.
وعليه، فإنّ إعطاء كلّ هذه الهالة لاحتفالية النصر، تبقى قليلة مقارنة بمفاعيله، والتي ستستمرّ لعقود من الزمن. خلال هذه العقود تكون «إسرائيل» على طريق الزوال لتعود فلسطين فلسطين كلّها الى أهلها وبيئتها الطبيعية.
هذه هي نتائج الانتصار، وهذه هي ثمار المقاومة المنتصرة بالإرادة والتصميم والعزّ.