لم يتخط بعد المتشددون في مخيم "عين الحلوة" رفض الدولة اللبنانية ضم ملفهم الى ملف ترحيل ارهابيي "جبهة النصرة" من جرود عرسال الى ادلب السورية، وان كانوا مقتنعين بأن دورهم سيحين بعد انهاء ملف "سرايا أهل الشام" ومن بعده وجود تنظيم "داعش" في جرود رأس بعلبك والقاع. وتخيم الخيبة كما الاستياء على عشرات المنتمين الى "النصرة" الذي يتابعون عن كثب الوضع في المنطقة الشرقية الحدودية، وهم يضغطون أكثر من أي وقت مضى على القيادات الفلسطينية داخل المخيم لتضغط بدورها على السلطات اللبنانية للبت بملفهم سريعا.
وبحسب مصادر فلسطينية واسعة الاطلاع داخل "عين الحلوة"، فان ترحيل أكثر من 127 متشددا بينهم 27 لبنانيا، سجلوا أسماءهم، أمر مرحب به من قبل هؤلاء المتشددين كما من القيادات الفلسطينية وبتحفظ من السلطات اللبنانية باعتبار ان مصالح الاطراف الـ3 تتقاطع في هذا المجال وان كانت الأهداف مختلفة. فأولا بالنسبة للمتشددين فقد ايقنوا تماما أن مهمتهم انتهت في لبنان بعدما تمت محاصرتهم من الاتجاهات كافة، ان كان من الداخل الفلسطيني بعد المعركة التي خاضتها حركة "فتح" بوجه مجموعة "بلال بدر"، ومن ثم تعاون "عصبة الأنصار" مع الدولة اللبنانية من خلال تسليمها الارهابي بدر، كما من جهة الجرود اللبنانية التي كانت تُعتبر منطقة نفوذ للجماعات المتشددة، اتُخذ قرار نهائي باعادتها الى حضن الدولة اللبنانية والقضاء على من فيها من متشددين ان كان بالحل العسكري او بالترحيل الى سوريا.
أما بالنسبة للقيادات الفلسطينية، فلا تجد حلا أفضل من تأمين ممر الى سوريا لعشرات المتشددين الذين يعبثون باستمرار باستقرار "عين الحلوة"، ما سيضعف الحالة الشاذة داخل المخيم وان كان لن ينهيها لوجود عناصر تحمل فكر تنظيم "داعش" الارهابي، لا تنسجم أجندتها مع أجندة "النصرة" ومجموعات أخرى. وتُدرك القيادات الفلسطينية، بحسب المصادر، انّها ستكون عاجلا أم آجلا على موعد مع مواجهات جديدة مع هذه المجموعات وبالتالي في حال تم التوصل لحل يقضي بخروجها فهي تكون جنبت نفسها كما المخيم مزيدا من الدماء والتوتر.
ويبقى موقف الدولة اللبنانية غير محسوم بما يتعلق بامكانية الموافقة على ترحيل عشرات المتشددين من "عين الحلوة" الى سوريا، خاصة وانّها أعلنت بوقت سابق صراحة رفضها ضم ملفهم لملف "النصرة" في الجرود. وهنا تقول المصادر: "أسباب شتى أدّت لفصل الملفين، اولا لأن ضمّهما كان سيعقد الامور ويطيل أمد المفاوضات كما انّه قد يؤدي الى صفقة يخرج على اثرها مطلوبين لبنانيين ترفض السلطات اللبنانية تماما تسوية أوضاعهم، وتصر على توقيفهم ومحاكمتهم وعلى رأسهم الارهابي شادي المولوي"، لافتة الى ان اصرار قيادة "النصرة" على ان يكون المولوي اول الخارجين من المخيم هو ما أدّى لاقفال السلطات اللبنانية نهائيا الباب على امكانية الموافقة على التعاطي مع ملفي الجرود وعين الحلوة سلة واحدة.
بالمحصلة، وان كان من المرجح ان يتم وضع الملف مجددا على طاولة البحث بعد حسم الجيش اللبناني وجود "داعش" في جرود رأس بعلبك والقاع، يبقى موقف دمشق حاسما في هذا المجال خاصة وأنّها لم تعد تبدي حماسة لتسهيل ملف ترحيل المزيد من الارهابيين من لبنان الى الأراضي السورية، وهو ما تجلى واضحا في التعاطي مع ملف "سرايا أهل الشام".