تطرق الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطاب الانتصار الـ11 امس الاول الى جملة من المعطيات التي بدأت تتكشف من وراء الحملات الاميركية على لبنان وهي تذكر بسياسة الادارة الاميركية من بوش الاب الى بوش الابن ومن مادلين اولبرايت الى "كوندي" رايس وصولاً الى باراك اوباما الذي كان اقل حدة وواقعية اكثر من اسلافه في البيت الابيض منذ التسعينيات حتى اليوم.
ومنذ تولي دونالد ترامب مقاليد السلطة في البيت الابيض يشعر اللبنانيون انهم يشاهدون فيلما سينمائيا هوليوودي للكاوبوي ترامب الذي يحب الاستعراض وكاميرات الـ3D. وهو كناية عن مغامرات لكاوبوي ينفس عن مكنوناته النفسية المتعددة الابعاد.
فلم يكتف ترامب وادارته بالاعلان عن وجود عقوبات اقتصادية ومالية جديدة ومشددة على حزب الله وكل من يدور في فلكه، بل تعدى الحديث الى إنشاء قواعد اميركية جديدة ومرتكزات عسكرية سيكون اولها من مطار رياق العسكري وصولاً الى توسيع حجم الوجود العسكري في سفارة اميركا في عوكر.
وفي هذا الاطار يتردد من معلومات لدى حزب الله والاستخبارات الايرانية والروسية ان بعض السفارات تحولت الى اوكار تجسس وتآمر على المقاومة وتتعاون مع الموساد وتزوده بكل المعلومات التي تجمع بطرق متعددة في لبنان وحول نشاط الحزب وايران والروس في سورية كما تحلل كل معلومات التي تلتقطها طائرات التجسس الاسرائيلية والاميركية.
ويقول سياسي في تحالف 8 آذار ان اي توسيع لاي نشاط اميركي في لبنان خارج السفارة مرهون بقرار من السلطة السياسية وحتى زيادة عديد عناصر السي اي ايه في سفارة عوكر والذي تم منذ مدة ويبلغ السبعين وهم انفسهم الذين كانوا حطوا في مطار رياق منذ فترة وقيل وقتها ان مهمتهم كانت "روتينية" ولمعرفة وجهة السلاح الاميركي بعد تسليمه للجيش اللبناني.
وتؤكد اوساط ميدانية ان النشاط الاميركي العسكري والامني المتزايد على الاراضي اللبنانية هدفه "سياسي" وليس عسكريا او امنيا ولا يمكنه ان يستهدف إمدادات المقاومة من ايران الى سورية فحزب الله في لبنان وعبر خطوط برية وجوية.
في الجانب الثاني من التهويل الاميركي ما سمعه رئيس الحكومة سعد الحريري والوفد المرافق خلال زيارتهم الى واشنطن بين 21 و26 تموز الفائت.
ويؤكد السياسي ان توقيت الزيارة اتى بروتوكولياً في الشكل بعد تولي ترامب مقاليد الرئاسة في البيت الابيض وبعد اشهر من عودة الحريري الى رئاسة الحكومة منذ اقالته من على باب البيت الابيض، عندما اعلن وزراء التيار الوطني الحر وحزب الله استقالتهم من حكومة الحريري الاولى. فأتت الزيارة لتؤكد في المضمون "إنتماء" الحريري الى المشروع الاميركي- السعودي في المنطقة وان وجوده في الحكومة وعلى رأسها امتداد له. لذلك حرص البيت الابيض على التعامل مع الحريري كرئيس دولة وليس كرئيس للحكومة للتأكيد على "عمق العلاقة" وتعامل معه بحفاوة لافتة وغير مسبوقة وحرص في كل تفصيل على تأكيد الاهتمام الاميركي بالحريري. ويلفت المصدر الى ان في التوقيت ما هو مرتبط بالتطورات السورية والجزء المتعلق بمعركة جرود عرسال والجزء الآخر المتعلق بجرود القاع ورأس بعلبك .
وبعد لقاء ترامب والحريري عمد الكاوبوي الى توجيه رسالة الى الحكومة اللبنانية وحزب الله عبر وسائل الاعلام وعلى مسامع الحريري والوفد المرافق وبعض العبارات التي استعملها ترامب تخالف وجهة نظر لبنان بخصوص العلاقة مع حزب الله ووجوده في الحكومة والبرلمان وكشريك اساسي في السلطة السياسية.
وفي ملف العقوبات على حزب الله يشير السياسي الى ان اللقاء مع مسؤولي الخزانة الاميركية والمسؤولة عن قانون العقوبات الجديدة على حزب الله أكد وجود عقوبات جديدة ومشددة وتطبيقها معقد لانه يشمل شرائح جديدة ومؤسسات تدور في فلك حزب الله ولها طابع انساني وخدماتي.
ومما تقدم يتبين ان سياسة الاحتواء الاميركي للبنان لا تزال مستمرة لكنها هذه المرة تأخذ ابعاداً متعددة الاشكال منها السياسي والامني والعسكري والاقتصادي والاعلامي وتهدف الى الضغط في كل المستويات لابقاء لبنان في فلك المشروع الاميركي- السعودي في المنطقة وممنوع على حزب الله او ميشال عون ان يأخذا لبنان الى نقطة غير ذلك وبالتالي التهويل بمزيد من العقوبات المالية والاقتصادية وقطع المساعدات العسكرية وفي هذا السياق يوقع ان تكون الحكومة اللبنانية اكثر جرأة واكثر تماسكاً في رفض التدخل الاميركي وفرض الوصاية على لبنان وجيشه واقتصاده ولكن يبدو ان الحكومة منقسمة بفعل القوى السياسية التي تعمل جاهدة لإعادة عقارب الساعة الى الوراء اي الى فترة اخضاع لبنان لمرحلة ما بعد العام 2005!