ما ان تم الاعلان عن القرار 1701 في مجلس الامن الذي انهى الاعمال القتالية في العام 2006، حتى بدات الاصوات تتعالى من هنا وهناك لتوسيع صلاحيات قوات "اليونيفيل" لتشمل الحدود اللبنانية كاملة وليس فقط في الجنوب مع اسرائيل.
وفي كل مناسبة، تعلو هذه الاصوات مجدداً للمطالبة بالامر نفسه وفق ظروف واوضاع مختلفة. اليوم، لا يختلف الوضع عن السابق، وبدأ البعض الطلب بضرورة توسيع صلاحيات "اليونيفيل" لتصل الى الحدود السورية، مستندين الى "النجاح" الذي حققته هذه القوات في الطرف الجنوبي من لبنان. في الواقع، من المنطقي القول ان هذا الطلب هذه المرة، هو اقرب من اي وقت مضى الى ان يصبح واقعاً ملموساً، او ان فرصه هي اكبر حالياً من اي فترة اخرى منذ العام 2006، ولكن...
لا يمكن البناء على "نجاح" القوات الدولية في الجنوب، لان الجميع يعلم انها اقرب الى قوات مراقبة منها الى قوات تدخل، وان عملها يقتصر على تقليد "ابو ملحم" ومحاولة تقريب وجهات النظر بين الطرفين اللبناني والاسرائيلي عند حصول اي خلل فتكون الطرف الثالث الذي يتوسط لان الطرفين الآخرين لا يمكنهما التحادث بسبب العداوة التي بات يعلمها الجميع. اما القول بأن الجيش اللبناني غير جاهز حالياً عدداً وعتاداً للانتشار على كامل الحدود اللبنانية، فهو قول صائب ولكن البديل لا يمكن أن يكون "اليونيفيل" لسببين رئيسيين: الاول ان الحدود لم ترسّم بعد بشكل نهائي بين البلدين وهناك اراض مختلف عليها، ولن يكون هناك "خط ازرق" ثان في البقاع على غرار الخط الموجود في الجنوب، لان سوريا وعلى عكس اسرائيل، تقيم علاقات دبلوماسية مع لبنان كما ان قسماً من اللبنانيين يشجّع ويرغب في استعادة هذه العلاقات لحيويتها في اقرب فرصة ممكنة.
اما الامر الثاني، فيتعلق بقلق حزب الله من توسيع عمليات هذه القوات الدولية، بشكل يمكن البناء عليه لاحقاً من اجل استهدافه او التجسس عليه، او حتى العمل على ابعاده عن الحدود مع سوريا وهو امر قاتل كثيراً من اجل عدم حصوله، خصوصاً وان تدخله في سوريا كان له الاثر الواضح في وصول الامور الى ما هي عليه حالياً ميدانياً وسياسياً.
وبغض النظر عن هذين السببين الرئيسيين، هناك سبب جوهري لا يمكن لاحد ان يتخطاه، وهو ان الدول الكبرى لم تتفق بعد على الصيغة النهائية للتسوية الشامة في المنطقة، وعندما يتم ذلك، عندها، قد تكون فكرة توسيع صلاحيات "اليونيفيل" الورقة الرابحة في ايدي من يرغب بها والدفع سياسياً ودبلوماسياً للاتفاق عليها، وستأخذ في حينه اللعبة السياسية مداها فإما ان تقتنع روسيا اولاً بالامر وتعمد الى اقناع الدول الباقية، واما يعود الطرح الى مجرد ورقة عادية تستعمل عند الحاجة دون القدرة على استغلال ميزاتها وصلاحياتها.
لذلك، لا يبدو ان الاصوات التي ترتفع اليوم ستصل الى مبتغاها، ولم يكن التوقيت موفقاً في طرح المعادلة، في ظل التطورات المتسارعة التي نشهدها والتحضيرات للقضاء نهائياً على بؤر الارهاب والمنظمات الارهابية في كل من سوريا والعراق ولبنان، وعليه ربما يكون من الافضل لمن يرغب بالفعل في ارتفاع حظوظ طرحه هذا، ان يتروّى قليلاً وينتظر الوقت المناسب الذي يسمح بوصول الموضوع الى الطاولة للبحث، فيجرب عندها ما يمكن للدبلوماسية ان تقوم به فيما تكون المتغيّرات قد وصلت الى محطتها النهائية، وهي فترة قد لا تطول كثيراً ولكنها بالتأكيد لن تكون خلال فترة اسابيع او بضعة اشهر.
ومن الممكن ان يصبح هذا الطرح ايضاً غير عملي اذا ما اصطلحت الامور وعادت العلاقات الى الانتظام بين لبنان وسوريا بحلتها الجديدة، وبالتالي فإن الوقت وحده هو الكفيل بتحديد ما اذا كنا سنشاهد قوات دولية على الحدود مع سوريا ام لا.