يبدو أن الإنتخابات الفرعية، التي كان من المقرر أن تحصل في دائرتي كسروان وطرابلس، "طارت" بشكل شبه رسمي، بسبب تقاطع المصالح بين تيار "المستقبل" و"التيار الوطني الحر"، حيث لا يجد التيارين أن هناك من داع لخوض هذا الإستحقاق الدستوري، طالما أن موعد الإنتخابات النيابية المقررة في أيار 2018 لم يعد بعيداً.
في هذا السياق، كان وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق قد حدد السابع عشر من آب الجاري، أي اليوم، موعداً نهائياً لدعوة الهيئات الناخبة، الأمر الذي لم يحصل وليس من المتوقع أن يحصل في الساعات القليلة المقبلة لا سيما أن مجلس الوزراء لم يعمد إلى تشكيل هيئة الإشراف التي ينص عليها القانون، في حين أن مصادر وزارة الداخلية والبلديات كانت منذ اليوم الأول تؤكد أنها جاهزة، لكن القرار بإجراء الإنتخابات سياسي بالدرجة الأولى.
على هذا الصعيد، توضح مصادر قانونية مطلعة، عبر "النشرة"، أن موعد 17 آب ليس موعداً نهائياً لدعوة الهيئات الناخبة من الناحية القانونية، نظراً إلى أن الإنتخابات من الممكن أن تحصل قبل 6 أشهر من موعد إنتهاء ولاية المجلس الحالي، في حين أن القانون يحدد مهلة شهر واحد لدعوة الهيئات الناخبة قبل موعد إجراء الإنتخابات، وتضيف: "إنطلاقاً من ذك يمكن لوزير الداخلية والبلديات أن يدعو الهيئات الناخبة في 6 تشرين الأول كحد أقصى، على أن تجري الإنتخابات في 6 تشرين الثاني".
على الرغم من ذلك، توضح المصادر نفسها أن تحديد موعد 17 آب، من جانب المشنوق سابقاً، يعود إلى الرغبة بأن تكون الإنتخابات في شهر أيلول المقبل، أي قبل أن تفتح المدارس أبوابها، ومن أجل إتمام التحضيرات التي تحتاج لها وزارة الداخلية والبلديات، وبالتالي كان من المفترض أن تتم الدعوة اليوم على أن تُنشر في الجريدة الرسمية يوم الخميس المقبل في 24 آب لتجري الإنتخابات يوم الأحد في في 24 أيلول، وتعتبر أن التأخير الذي حصل في تشكيل هيئة الإشراف، بالرغم من أن المشنوق كان يثير هذا الأمر بين الحين والآخر، يعود إلى الرغبة في عدم حصولها على ما يبدو، وتشدد على أن هذا الأمر يعتبر مخالفة قانونية ودستورية، طالما أن القانون ينص على ضرورة إجراء إنتخابات لأي مقعد شاغر طالما أن هناك في ولاية المجلس النيابي أكثر من 6 أشهر.
على صعيد متصل، توضح مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، أن عدم إجراء الإنتخابات الفرعية في دائرتي طرابلس وكسروان يعود لأسباب سياسية بالدرجة الأولى، مع أن البعض بدأ منذ مدة بالحديث عن عدم قدرة الجيش على تأمينها في الوقت الذي يتحضر فيه لمعركة تحرير جرود رأس بعلبك والقاع من الجماعات الإرهابية، وتؤكد أن القوى التي تقف وراء هذا القرار هي تيار "المستقبل" و"التيار الوطني الحر"، بسبب عدم رغبتهما في خوض هذا الإستحقاق في الوقت الراهن، وتذكر بأن رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع كان أول من بشّر اللبنانيين بأن الإنتخابات الفرعية لن تحصل.
من وجهة نظر هذه المصادر، رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي كان وراء التمديد الثالث لمجلس النواب بسبب عدم رغبته في حصول الإنتخابات في ظل الواقع المسيطر على قاعدته الشعبية، هو المتضرر الأول من إحتمال حصول الإنتخابات الفرعية في دائرة طرابلس، نظراً إلى المنافسة التي تنتظره، على المقعدين العلوي والأرثوذكسي، من جانب كل من رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي والوزير السابق أشرف ريفي، وتشير إلى أن التحالف بين ريفي والحريري غير وارد على الإطلاق، في حين أن العلاقة مع ميقاتي، الذي بات يتمتع بعلاقة جيدة مع ريفي، ليست في أحسن حال، لا سيما بعد الهجوم الذي شنه النائب السابق عقاب صقر عليه، وبالتالي ليس هناك ما يمنع التحالف بين ميقاتي وريفي في مواجهة الحريري.
في الجانب المقابل، لم يبد التيار "الوطني الحر"، بحسب ما تؤكد المصادر نفسها، أي حماسة لإجراء الإنتخابات في دائرة كسروان، التي كان من المتوقع أن يترشح فيها العميد المتقاعد شامل روكز عن المقعد الذي بات شاغراً بعد إنتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، لأسباب عدة، أبرزها عدم الرغبة في خوض هذا الإستحقاق الفرعي في حين أن الإنتخابات الشاملة باتت على الأبواب، بالإضافة إلى أسباب أخرى متعلقة بوضع التيار الداخلي.
في المحصلة، تجمعت المعطيات والمصالح السياسية عند قرار واحد، يقضي بعدم إجراء الإنتخابات الفرعية في دائرتي كسروان وطرابلس، والإعلان الرسمي سيكون بعد الوصول إلى الحجج "المقنعة" التي ستقدم إلى الرأي العام.