على الرغم من تعاظم الضغوط التي يتعرض لها رئيس الحكومة سعد الحريري، لا سيما من أروقة تيار "المستقبل" الداخلية، لا يبدو أن "الشيخ" في طور الذهاب إلى خطوات تصعيدية، من نوع الإعلان عن إستقالته، بالرغم من أن ما يحصل على طاولة مجلس الوزراء هو أحد أبرز أسباب الإنتقادات التي يتعرض لها.
في هذا الإطار، لا تخفي مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، وجود حالة إمتعاض مما يحصل على مستوى الأداء السياسي لرئيس الحكومة، لا سيما بعد الزيارة التي قام بها وزيري الصناعة حسين الحاج حسن والزراعة غازي زعيتر إلى العاصمة السورية دمشق، مع العلم أن الحريري حاول التخفيف من أهميتها عبر القول أنها لا تتم بصفة رسمية. وتشدد هذه المصادر على أن هذه المسألة لا يمكن تجاوزها بسهولة، لكن على ما يبدو البعض في قوى الثامن من آذار يريد الصغط في هذا المكان، خصوصاً أن رئيس الحكومة لم يذهب إلى التصعيد في مواجهة ما يتعرض له من "إبتزاز".
وتلفت هذه المصادر إلى أن الحريري كان يتعرض لضغوط من قبل البعض داخل فريقه السياسي منذ ما قبل هذه الزيارة، وهي في الأصل لم تتوقف منذ تبنيه خيار الذهاب إلى التسوية الرئاسية مع "التيار الوطني الحر"، من دون التغاضي أو تجاهل ما يقوم به "حزب الله" على الساحة السورية، خصوصاً بعد معركة جرود عرسال الأخيرة، وتشدد على أن هذا الأمر يضعه أمام مفترق طرق خطير مع تناقص الخيارات المتاحة أمامه: الإستقالة من رئاسة الحكومة أو الإستمرار في تبرير ما يحصل على قاعدة الحفاظ على الإستقرار الداخلي.
من وجهة نظر هذه المصادر، يبقى الخيار الثاني هو الأرجح في الوقت الراهن، خصوصاً أن رئيس الحكومة أبرم في الأصل التسوية الرئاسية من أجل العودة إلى السراي الحكومي، على أمل أن يساعده ذلك في لملمة أوضاعه الداخلية قبل الوصول إلى موعد الإنتخابات النيابية المقبلة، وهو سعى إلى التمديد الثالث من أجل إستغلال هذا الموقع لتحقيق الغاية المذكورة، وبالتالي هو ليس في وارد الإستقالة بأي شكل من الأشكال، لا سيما أن التوازنات الإقليمية في المرحلة المقبلة قد لن تكون لصالحه على الأرجح.
ما تقدم لا يمنع، بحسب ما تؤكد هذه المصادر، أن يذهب الحريري إلى الرد على ما يتعرض له من ضغوط عبر خطوات تصعيدية، مثل تلك التي أعلن عنها النائب عقاب صقر عن تنظيم زيارات لشخصيات من المعارضة السورية إلى لبنان، بالإضافة إلى رفع السقف عالياً بحال إقرار العقوبات الأميركية، التي من المتوقع أن تترافق مع أخرى تصدر من قبل بعض الدول الخليجية، لكنها تجزم بأن كل ذلك سيبقى تحت سقف محدد بالحفاظ على إستقرار عمل الحكومة وعدم الذهاب إلى مواجهة سياسية مباشرة، نظراً إلى أن الحفاظ على الأولى يصب في مصلحته، وتشير إلى أن الفريق الآخر يدرك هذا الأمر جيداً، وهو ما سيدفعه في الأيام المقبلة إلى محاولة الضغط أكثر من أجل الحصول على المزيد من المكاسب، لا سيما على مستوى العلاقة مع الحكومة السورية التي باتت على رأس قائمة الأولويات.
في المحصلة، ليس أمام رئيس الحكومة إلا التسليم بالأمر الواقع، على ما يبدو، طالما أنه يعتبر البقاء في موقعه خطاً أحمرَ، لكن هل ينجح في لملمة الأوضاع على المستوى الشعبي، في ظل التنازلات التي يقدم عليها، أم يدفع الثمن مضاعفاً في الإنتخابات المقبلة؟.