تعد قصّة النحات اللبناني نايف علوان مع التماثيل الدينية قديمة وعميقة ولا تتوقف عند حدود لبنان... وبعد أن اشتهر بتماثيل للقديسين مارون وريتا خارج لبنان، قرر علوان خوض مغامرة جديدة مع القديس شربل لينحت له أطول تمثال في العالم بطول 23 متر، ويتفوق بذلك على تمثال القديس يوحنا بولس الثاني ببولندا والذي كان الاطول ويبلغ ارتفاعه 13 م.
ومن يستطيع أن يشكّ للحظة بأن "يد الربّ تتدخّل في كلّ شيء لتجعل من الصعب أو المستحيل ممكناً، فكيف إذا كان المعني "حبيس عنايا" الذي تخطت عجائبه لبنان الى العالم"، فيوم بدأ علوان رحلة نحت هذا التمثال كانت المهمّة شبه مستحيلة خصوصاً وأنه كانت ينحت تماثيل دينية صخرية معدّة لتصبح مزاراً دينياً، ولكن أن يعمل في تمثال بطول 23 م. سيوضع على أعلى قمم فاريا فهو عمل جبّار لأنه يجب أن يتحمّل سرعة الرياح وسماكة الثلوج في فصل الشتاء وهو أمر صعب!
يروي نايف علوان كيف أن "يد القديس شربل تدخّلت في هذا العمل وسهّلت إنجازه"، ويشير الى أنه "يوم بدأ النحت وضع قالب التمثال بطول 23 متراً على سطح محترفه في أيطو حتى إن أغلب المارة من هناك كانوا يتوقفون لمشاهدة المنظر الغريب فالعمل يكاد يغطي المنزل أو أكثر"، ويقول "ذات يوم شارك إبن أخي في محاضرة لرئيس بيروت انترناشيونال عبدالله ضو في جامعة البلمند تحدث فيها عن مادة "الفايبر غلاس" وهي نادرة الاستعمال في لبنان، وهي تدخل في صناعة الطائرات وغيرها، فحضر وأبلغنا بالأمر مشددا على ضرورة أن نتواصل مع هذه الشركة علّهم يساعدوننا في إكمال التمثال، وهنا بدأنا رحلة التواصل مع عبدالله ضو صاحب المؤسسة، والتقيناه في المحترف في أيطو حيث يمكنه مشاهدة العمل ولحظة رآه كان جوابه "انت أَخْوَت بس أنا رح ساعدك".
يشير علوان الى أن "قالب الثمثال نقل الى مركز الشركة في جونيه حيث باشرنا العمل عليه ليكون محصّناً ليتحمل سرعة الرياح وسماكة الثلوج في فاريا، وبدأ فريق العمل يعمل ليل نهار عليه منذ أشهر حتى أصبح شبه جاهز"، ويلفت الى أن "كلفة العمل تصل الى حدود المليون دولار، وباستعمالنا مادة "الفايبر غلاس" نستطيع أن نؤكد أنه سيتحمل كل عوامل الطقس المتقلّبة في فاريا دون أن يحتاج الى صيانة حتى وذلك لحوالي 400 سنة على الأقل".
يوم قبلت شركة بيروت انترناشيونال الدخول في هذا العمل لم يكن أمراً عادياً، هي رغبة الربّ في أن تكون عين القديس شربل على لبنان من أعلى قممه، ومن ينظر الى ضخامة هذا التمثال يظنّ أنه سيقف أمام منحوته صخرية إلا أن أهمية وروحانية العمل تؤكد أن هذا التمثال ورغم ضخامته سيفرض على المؤمنين الزائرين التضرع والصلاة للرب لما في التمثال من تفاصيل تشعر المرء وكأن هذا القديس يخاطبه...