أكد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة غسان حاصباني أنه "من المهمّ جداً التذكير بأن الجيش اللبناني يقوم بمعركة الجرود بقرارٍ اتُخذ على مستوى مجلس الوزراء والمجلس الأعلى للدفاع وتُرك توقيت تحرير الأراضي اللبنانية من تنظيم "داعش" الارهابي والوسيلة، للجيش. فهذا قرارٌ عسكري بحت تُمْليه معطيات وعناصر عدة تأخذها قيادة المؤسسة العسكرية في الاعتبار. والجيش اللبناني لم يُطلب منه التنسيق مع أحد، وهو لم ينسّق مع أحد كما أَعلن أكثر من مرة، ولم تكن هناك عمليات مشتركة مع أيّ طرف لا داخل لبنان ولا خارجه وهذا أمر أساسي للجيش، وأي شيء آخر صُوّر للرأي العام وكأن ثمة نوعاً من التنسيق من خلال بعض العمليات والكلام الإعلامي وغيره، فهذا يصبّ خارج سياق القرار الرسمي الذي اتخذتْه الحكومة والذي يقوم الجيش بموجبه بحماية الأراضي اللبنانية ودحْر أي وجود إرهابي في المناطق الحدودية".
وفي حديث لصحيفة "الراي" الكويتية، لفت حاصباني إلى أن "هذا الأمر مهمّ لمعاودة تأكيد مجموعة من الثوابت هي: اولاً ان سيادة الدولة اللبنانية يحميها الجيش عسكرياً وأمنياً، كما الأجهزة الأمنية الأخرى كلٌّ في اختصاصه وثانياً ان سلاح الجيش هو الوحيد المخوّل حماية الأراضي اللبنانية من أي مخاطر او اعتداءات من أي جهات أتتْ، إرهابية كانت أم غير إرهابية وثالثاً تثبيت استقلالية الجيش في قراره المنضوي تحت الغطاء السياسي الرسمي على قاعدة انه هو مَن ينفذ قرارات الحكومة في ما خص الأمن والدفاع عن لبنان والحرب والسلم. وهذه نقطة بالغة الاهمية للمجتمع الدولي تشجّع على استمرار الدعم العسكري للجيش وتعزيز الثقة به وبلبنان كدولةٍ تملك زمام قرارها".
وأوضح أن "البُعد البارز في المعركة ضدّ "داعش" يتمثل في تأكيد ان الجيش يلعب دوراً متقدّماً في جبهةٍ متقدمة في إطار الحرب الكونية ضد الإرهاب ويمكن القول ان الجيش اللبناني هو من الجيوش القليلة المنخرطة بمعارك فيها تماسٌ مباشر مع المنظمات الارهابية التي يَعتبر العالم أجمع انها الخطر الأكبر عليه"، مشدداً على "ضرورة ان يبقى الجيش مستقلاً في قراره، وبعيداً عن تأثيراتٍ من أي جهات قد يكون لها ايضاً مصلحة في محاربة المجموعات الارهابية نفسها ولكن اذا كان العدو مشتركاً، فهذا لا يعني انه يجب ان يكون هناك تَشارُك في التخطيط للمعارك وفي خوضها، او التفريط بوجوب ان يكون الجيش اللبناني الوحيد المخوّل شرعياً ان يحمي الأراضي اللبنانية".
وأفاد حاصباني أنه "في معركة جرود عرسال، كان الجيش موجوداً في الأراضي اللبنانية ويحمي القرى التي مَنَع الارهابيين من التقدم في اتجاهها وحصَر وجود المجموعات الارهابية في مناطق حدودية ثمة ضبابيةٌ حول واقعها الجغرافي في ظل التداخل بين الحدود اللبنانية والسورية وتالياً كانت معركة جرود عرسال أكثر في سياق المعارك التي تحصل في سوريا، ونحن اعتبرناها امتداداً لانخراط "حزب الله" العسكري في الحرب السورية. وطبعاً حصل التباسٌ في النظرة الاعلامية لمعركة جرود عرسال، والجيش اللبناني لم يكن مكلَّفاً بقرارٍ رسمي بخوض معركةٍ مباشرة على عكس ما هو عليه الحال اليوم حيث ثمة قرار سياسي واضح بأن يتولى الجيش دحْر المجموعات الإرهابية من جرود رأس بعلبك والقاع وهو يخوض معركته باستقلاليةٍ وبالتوقيت والطريقة التي يَعتبرها مناسبة".
وأضاف أنه "يجب عدم إغفال ان رؤيتنا هي امتدادٌ لمواقفنا السابقة لجهة ان الجيش قادر على الدفاع عن لبنان وحماية شعبه وانه يملك كل المقوّمات للقيام بذلك، وهذا ما دافعْنا عنه في البيان الوزاري للحكومة وفي كل مراحل مشاركتنا في السلطة ونحن على قناعة تامة بأن جزءاً اساسياً من بناء الدولة القوية يرتكز على الا يكون هناك سلاحٌ خارج الشرعية وان يكون الجيش المخوّل الأساسي حماية لبنان عسكرياً وصون استقلاله وسيادته، طبعاً من دون إغفال الدفاعات الأخرى سياسياً واقتصادياً وايضاً ذات الصلة بعلاقات لبنان الخارجية".
وتايع "أعتقد ان لكل مرحلة خطابها وقراراتها التي تُتخذ بحسب المعطيات. واليوم، وبصرف النظر عن موقف السفارات والدول، نحن نتّخذ موقفاً وطنياً نابعاً من قناعاتنا الراسخة بأن المؤسسة العسكرية هي الركن الأساسي في بناء الدولة ومن أعمدتها الرئيسية. واليوم هي تثبت أنها قادرة على القيام بدورها بشكل فعال جداً، بحيث لا مجال لأحد لقول ان قدراتها ناقصة او انها غير متماسكة او لا تتمتع بالغطاء السياسي. أما اذا كانت هناك لدى البعض مخططات او مشاريع أخرى خارج سياق الدولة، فموقفنا منها ثابتٌ ولم يتغيّر بمعزل عن اي مواقف للمجتمع الدولي، وهي أحياناً تتقاطع مع نظرتنا الثابتة وأحياناً اخرى لا تتقاطع. ومن هنا فان المعركة ضد «داعش» تكتسب أهميتها لجهة تثبيت دور الجيش وقدرته على حماية لبنان وشعبه".
ولفت إلى انه "مَن أطلق النار وبدأ هذه المعركة وحدّد توقيتها ومسارها وآلياتها هو الجيش اللبناني بقرارٍ داعِم من مجلس الوزراء. ولا احد دفع الجيش او جرّه الى توقيته وكونوا على ثقة بأنه لو لم يكن الجيش مقتنعاً بأن هذا هو التوقيت الملائم لما انخرط في المعركة التي يعود له لوحده تحديد تاريخ انتهائها وشروطه لإنهائها"، مؤكداً أن "ما يهمنا كلبنانيين ان تكون حدود بلدنا محمية من قبل جيشنا وان نكون في سياق مسار بناء دولة المؤسسات. وكما نعتبر انه على المستويات الاقتصادية والإدارية يجب ألا تكون هناك مؤسسات رديفة، فكذلك الأمر على الصعيد العسكري والأمني ينبغي ان تكون المؤسسات العسكرية والأمنية الوحيدة التي تقوم بهذا الدور. وبذلك نكون نبني الدولة".