ذكرت صحيفة "الراي" الكويتية، انها ليست المرة الأولى التي يبرز فيها "التسابُق" الإيراني - السعودي على الساحة اللبنانية، ولكن تَزامُن اللقاءات في بيروت لكلّ من وزير الدولة لشؤون الخليج العربي في وزارة الخارجية السعودية ثامر السبهان ومساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والافريقية حسين جابري أنصاري، جاء محمَّلاً بمجموعة إشاراتٍ اعتُبرت انعكاساً للتحوّلات التي تقف المنطقة على مشارفها، لا سيما في الملف السوري واليمني.
وتوقّفت أوساط مطلعة عبر "الراي" بين الوجود المتزامن في العاصمة اللبنانية لأنصاري، وهو ممثّل إيران في محادثات أستانة بشأن الأزمة السورية، والسبهان الذي كان أعطى إشارة المباركة السعودية العلنية لانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية خلال زيارته للبنان قبل أربعة أيام من ترجمة التسوية التي أنهتْ الفراغ الرئاسي (في 31 تشرين الأول الماضي) وأعادت رئيس الحكومة سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، لافتة إلى أنه لا يمكن فصْل هذا التزامن عن المناخ الذي ساد لبنان في الفترة الأخيرة، والذي عكَس محاولاتٍ من المحور الذي تشكّله طهران لجرّه إلى "أمر واقع" تطبيعي على المستوى الداخلي لجهة تثبيت معادلة "حزب الله" المتصلة بسلاحه وقاعدتها "شعب وجيش ومقاومة"، كما على المستوى الخارجي لناحية إحياء التنسيق العلني مع نظام الرئيس بشار الأسد عبر زيارات وزراء علنية لدمشق والسعي لاستدراج الجيش اللبناني في عمليته العسكرية التي أوشك على حسْمها ضدّ تنظيم داعش في الجرود الشرقية لتعاوُن ميداني مع الجيش السوري وحزب الله.
وفي رأي هذه الأوساط ان طهران تحاول توظيف الوقائع الميدانية وتحديداً لجهة إنجاز قفل الحدود اللبنانية - السورية وضمان "ظهر" ما يُسمى بـ "سورية المفيدة" في سياق المجاهرة بتفوُّقها الاقليمي لبنانياً وتوجيه رسائل بأن بيروت صارتْ بالكامل جزءاً من "نطاق نفوذها" في غمرة اشتداد لعبة حجزْ المواقع على خريطة "المنطقة الجديدة" واستباقاً لأي مساعٍ لتطويق امتداداتها، فيما تريد الرياض إطلاق إشارات الى الداخل اللبناني كما الخارج الى أن لبنان ليس متروكاً، ووضْع قادته في صورة مسار التطورات في سورية وآفاق أي حل سياسي.
وحسب الأوساط نفسها، فإنه ليس عابراً ما أطلّ برأسه من الملف اليمني لجهة ما اعتُبر استعادة علي عبد الله صالح إلى "البيت العربي"، ولا ما يعنيه السعي إلى كسْر الاحتكار الايراني للمرجعية الشيعية السياسية - الدينية في العراق، معتبرة انه في ضوء ذلك تصبح زيارة السبهان لبيروت في سياقات بالغة الأهمية، علماً أن تقارير أشارت الى انه يحمل رسالة دعم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وقيادة المملكة للبنان، لا سيما للجيش في عملياته ضدّ الإرهاب ولضمان الاستقرار والأمن في الداخل وعند الحدود، كما انه يناقش وجوب إحياء اجتماعات اللجنة اللبنانية - السعودية العليا على مستوى رئيسي مجلس الوزراء في البلدين، وفق ما كان اتُفق عليه في الزيارة الأخيرة للحريري للرياض.
وإذ تشير الأوساط إلى الرسالة المهمّة التي سبقت وصول السبهان (الذي التقى الحريري ويستكمل اجتماعاته مع شخصيات سياسية أخرى) وتحديداً لجهة ترقية القائم بأعمال السفارة في بيروت المستشار وليد عبدالله بخاري إلى وظيفة وزير مفوض في وزارة الخارجية، توقفت عند تولّي أنصاري الردّ بعد لقائه النائب سليمان فرنجية على سؤال عن زيارة وزير الدولة لشؤون الخليج الى بيروت، إذ دعا السعودية من دون تسميتها الى "إعادة حساباتها السياسية" بعدما غمز من قناة بعض دول المنطقة التي كانت تساهم بشكل ما في مختلف الأزمات والاضطرابات التي كنا نشهدها في دول هذه المنطقة.