انتهت معركة الجرود، بهزيمة مدوّية لتنظيم «داعش» الإرهابي في المقلبين اللبناني والسوري، وبانتصار كبير حققه الجيشان السوري واللبناني والمقاومة. وبانتهاء معركة الجرود على نحو ظهر فيه تنظيم «داعش» ضعيفاً خانعاً مستسلماً، تُطوى مرحلة سوداء قاتمة، استطاع خلالها الإرهاب تنفيذ سلسلة عمليات تفجير تسبّبت بسفك دماء عشرات، لا بل مئات اللبنانيين.
الانتصار في معركة الجرود، يستحقّ احتفالية كبيرة، لترسيخ أهميّته ومعانيه في الوعي الجمعي، باعتباره انتصاراً، ليس على مئات العناصر الإرهابية القاتلة وحسب، بل على مشروع إرهابي برمّته، وضع لبنان في دائرة الاستهداف والخطر.
وحتى تكتمل معاني الانتصار، لا بدّ من إعادة فتح كلّ الصفحات السوداء، لا سيما تلك الصفحة المؤلمة يوم تمكّنت المجموعات الإرهابية من قتل ضباط وجنود لبنانيين، واختطاف آخرين ومن ثمّ تصفيتهم، ولتبيان مَن كان مسؤولاً أو متواطئاً أو متلكّئاً في هذا الخصوص. ولا بدّ من إعادة فتح الصفحات، لمعرفة دوافع الذين تهافتوا وتكالبوا ضدّ وزير الدفاع اللبناني الأسبق فايز غصن الذي تحدّث في كانون الأول 2011، عن عمليات تحصل على بعض المعابر، ولا سيما في عرسال وتهريب أسلحة ودخول عناصر إرهابية تابعة لتنظيم القاعدة تحت ستار أنّهم من المعارضة السورية.
إنّ فتح هذه الصفحة، من شأنه أن يكشف أموراً كثيرة، فما أعلنه الوزير غصن في ذلك الحين، لم يُواجَه من قبل فريق 14 آذار وحسب، بل من قبل بعض المراجع، وعودة سريعة إلى أرشيف التصريحات والمواقف التي تتضمّن ردوداً مباشرة تشكك في معلومات الوزير غصن تكشف عن تعمّد نفي المعلومات!
اليوم، وفي ظلّ هذا الانتصار الكبير الذي حققه لبنان بجيشه ومقاومته، تخرج أصوات لتزايد على الجيش والمقاومة. وبعض هذه الأصوات يطالب بمحاسبة «داعش» قبل مغادرته، وبعضها يحذّر من تهريب «داعش»، وبعضها يعتبر خروج «داعش» مهزوماً من الجرود فضيحة… ما يؤشر الى أنّ هناك حملة منظمة تستهدف تبهيت الانتصار الذي حقّقه لبنان وسورية معاً، ويعمد القائمون بالحملة على ذرف دموع التماسيح وإظهار أنهم أحرص من الجيش على جنوده الذين اختطفوا وجرت تصفيتهم.
ما هو مؤكّد أنّ كلّ الحملات التي تنظّم وستنظم، لن تقلل من حجم الانتصار وقيمته، واحتفالية النصر ستعمّ لبنان كلّه.
إنّ أهالي العسكريين يدركون بأنّ قضية أبنائهم الذين اختطفوا وجرى التثبّت من استشهادهم، كان يمكن أن تُحلّ حينها لو كانت هناك إرادة سياسية جامعة تطلق يد الجيش في الحرب ضدّ الإرهاب. لكن كما هو معروف، أنّ يد الجيش بقيت مغلولة نتيجة غياب الإرادة السياسية تارة تحت عنوان نفي وجود الإرهاب، وتارة أخرى تحت عنوان النأي بالنفس، على خلفية مواقف عدائية ضدّ سورية، لا لسبب، سوى أنّ سورية تدعم المقاومة ولم ترضخ لشروط أعدائها.
الانتصار تحقّق ميدانياً… ولن يستطيع أحد التخفيف من وهجه، لكن حتى يكون النصر مكتملاً لا بدّ من فتح الصفحات، وتحديد المسؤوليات وإجراء المحاكمات…