فرض شهر آب نفسه في حياة الجيش اللبناني والوطن، ففيه عيد المؤسسة العسكرية، يوم اختطاف العسكريين عام 2014، ويوم العثور عليهم، جثامين مدفونة. أكد تنظيم "داعش" ارهابه عبر إعدام العسكريين الذين اختطفهم يوم غزوة عرسال، وتبلّغ "الاهل" في رياض الصلح الخبر الأليم، فتشارك اللبنانيون على وسائل التواصل الاجتماعي "وجع" الأم والأب والأشقاء، وتعاطفوا مع الشهداء، ولكن بظل "نقمة" كبيرة على سياسيين "باعوا" الجيش في ذلك النهار المشؤوم.
انهمرت "كلمات" التعاطف على مواقع التواصل كدموع طفل صغير فقد حنان امه، وعبّر اللبنانيون باغلبيتهم عن مشاعر صادقة تواسي قلوب اهالي العسكريين المنفطرة، فكتبت وزيرة وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية عناية عز الدين: "قلوبنا مع أهالي العسكريين الشهداء ننحني امام مرارة صبرهم وحرقة فقد أحبتهم، عوائل الشهداء إلى مزيد على حدود كرامة الوطن"، وقال بيار أبي صعب على صفحته واصفا حسين يوسف والد الشهيد محمد يوسف: "انهار في خيمته رغم توقعه الخبر، سيبقى في وجداننا جرحا مفتوحا، قصة معاناة مضنية وبطولة يوميّة، أيقونة شعبية، عراف فاجعة معلنة". واعتبر أحمد ياسين أن "حسين يوسف ومعه أهالي العسكريين تحولوا إلى أيقوناتٍ للألم، تخجل الدّموع أمام حزنهم، ويستحي الصّمود من صبرهم وصمودهم، قلوبنا معكم".
مشاعر جياشة حزينة طغت على انتصار الجرود بعد "خبر" الموت المفجع، وأصبح اكتمال انتقام "الجيش" لشهدائه بحسب مهدي سعادة "بمحاسبة كل من يثبته التحقيق شريكا ولو بالكلمة بدمائهم"، بينما رأى عامر حلال أن "على اهالي شهداء الجيش اللبناني ان يحذوا حذو والد الشهيد محمد حمية ويأخذوا حقهم بيدهم وألا يعولوا على الدولة او على أي احد في هذا الموضوع"، ولعل أهم مطلب تشارك به اللبنانيون في الساعات الماضية كان شبيها لما جاء على لسان النائب ياسين جابر الذي طالب "بفتح ملف عرسال ومحاسبة كل من كان مساهماً في أسر الجيش بدل محاسبة الجيش على وقف إطلاق النار".
تلاشت "الكلمات" عن ألسنة المغردين، فالمصاب أكبر من أن يوصف، ولكن الأسى واللوعة يحتّمان المطالبة بالمحاسبة، وهنا قال غسان جواد: "ما بعرف اذا بينقال كل شي حالياً لكن يجب الا نسكت عن فضيحة احداث آب 2014 في عرسال لأجل الدولة ومؤسساتها ودماء جنودها يجب ان يحاكم كل متورط". وكذلك أكد وزير الخارجية جبران باسيل أن "لا الحزن ولا الاسف يعفينا من مسؤولية كشف الحقيقة ومساءلة من ازهق حياة شهدائنا العسكريين. وحدها العدالة كفيلة بجلب الراحة والسلام لارواحهم". وقالت ميشلين الدمعة: "من يساوم على المواطن، كيف لا يساوم على الوطن بأجمعه؟ الله ينصف كل شهداء الجيش اللبناني ممن تاجر بدمهم ودموع أهلهم".
"مع كل كلمة "تقبرني" تقولها أمّ ويردّدها أب يتمنَّيان أن تُطبَّق سنّة الحياة حيث الأبناء يدفنون الآباء، فما أصعبها لحظة أن تقبر أمّ ابنها"، كتب نيشان. واضافت حليمة طبيعة: "لا، الدولة ما عملت شي كرمال العسكريين، الدولة نايمة من سنين، قال ناطرة قرار سياسي"، ووجدت كوثر جمول أن "لبيقهر اكتر انو ما حدا نزل على الشارع ليطالب بمحاسبة المسؤولين عن يلّي صار، الاعتراض ورا شاشة التلفون ما بيكفي، ليه ساكتين"؟.
نعيش في دولة لا مزرعة، والدولة لا تبيع أبناءها لأجل أمجاد شخصية لمسؤولين لم ولن يكونوا يوما أكبر من "المساءلة"، لذلك يطالب اللبنانيون بفتح ملف أحداث عرسال عام 2014، وكشف ملابسات ذلك اليوم الأسود على الملأ، ومحاسبة "بائعي الدماء" بعد اثبات تقصيرهم وتورّطهم، وهذا ما يعتبرونه أقل واجب تجاه "الدماء" التي سالت دفاعا عن لبنان.