أثارت ردة الفعل العراقية، التي عبر عنها رئيس الحكومة حيدر العبادي ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري، حول عملية نقل مسلحي تنظيم "داعش" الإرهابي من الحدود اللبنانية السورية إلى الحدود السورية العراقية، العديد من علامات الإستفهام حوله، خصوصاً أن البعض كان يضع بغداد ضمن المحور الذي يمتد من طهران إلى بيروت، وبالتالي من غير المتوقع أن تعترض على إتفاق كان "حزب الله" طرفاً أساسياً فيه، لكن لهذا الأمر خلفيات عديدة قد تكون مجهولة عند الكثيرين، لا سيما في ما يتعلق بالأوضاع الداخلية العراقية.
في هذا السياق، تشير مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن العبادي لا يمكن أن يحسب بشكل كامل على المحور الإيراني، نظراً إلى أن الرجل، الذي خلف رئيس الحكومة السابق نوري المالكي في موقعه الحالي، يمثل تقاطع مصالح بين أكثر من جهة إقليمية ودولية، حيث أن إعادة تسمية الثاني، المحسوب على نحو كامل على طهران، في رئاسة الحكومة بعد الإنتخابات التشريعية الأخيرة لم يكن أمراً ممكناً.
وتوضح المصادر نفسها أن التوافق على العبادي تم بين الولايات المتحدة وبريطانيا والجمهورية الإسلامية في إيران والمملكة العربية السعودية، وهو يمثل تقاطع مصالح الدول المذكورة، وتلفت إلى أن هذا الأمر ظهر في أدائه على مدى السنوات السابقة، خصوصاً خلال مرحلة الحرب على الإرهاب، حيث كان ينسق مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، وأمن عودة واشنطن عبر قواتها العسكرية إلى البلاد، في حين رفض مشاركة "الحشد الشعبي"، المحسوب على طهران، في بعض المعارك.
إنطلاقاً من هذه الخلفية تدعو هذه المصادر إلى قراءة موقف العبادي، لكنها في المقابل تشير إلى خلفيات أخرى لها علاقة بالأوضاع الداخلية العراقية التي هي على موعد مع إنتخابات تشريعية جديدة في العام المقبل، حيث تشير إلى وجود تنافس كبير بين رئيس الحكومة الحالي ورئيس الحكومة السابق، بالرغم من إنتمائهما إلى الحزب نفسه، وتوضح أن العبادي بدأ يلمس أن طهران ستكون في صف المالكي في هذا الإستحقاق لا إلى جانبه، ما يدفعه إلى البحث عن مصادر دعم إقليمية ودولية أخرى.
على هذا الصعيد، تلفت المصادر نفسها إلى الدخول السعودي على هذا الخط في الفترة الأخيرة، أي العمل على محاولة شق الصف الشيعي أو السعي إلى جذب شخصيات منه إلى جانبها، وتوضح أن العبادي سبق له أن زار الرياض، قبل أن يزورها زعيم "التيار الصدري" السيد مقتدى الصدر، من دون تجاهل خطوة إعلان السيد عمار الحكيم عن تيار "الحكمة الوطني"، وتشكيل هذا التيار لجنة لفكّ الارتباط عن المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، وتضيف: "اليوم العبادي، الذي بات من المؤكد أنه سيكون حليف الجبوري في الإنتخابات المقبلة، يريد أن يبعث برسائل، إلى من يعنيهم الأمر، بأنه لا ينتمي إلى المحور الإيراني على مستوى المنطقة".
وفي حين تعتبر المصادر المطلعة أن الإنزعاج أو الغضب الذي عبّر عنه العبادي والجبوري في غير محله، لا سيما أن ولادة "داعش" كانت في العراق، أي عندما كان يُدعى "الدولة الإسلامية في العراق" قبل أن ينتقل إلى سوريا على ضوء الأحداث التي تشهدها الأخيرة منذ بداية العام 2011، تلفت إلى أن طهران و"حزب الله" لم يتأخرا بالوقوف إلى جانب العراق عندما طُلب منهما ذلك على اثر الغزوة التي قام بها عناصر التنظيم الإرهابي لأراضيه، وتؤكد بأن هذا الأمر سيكون له تداعيات على شعبية رئيس الحكومة، في المرحلة المقبلة، لا سيما أن لطهران والحزب مكانة هامة عند قسم كبير من العراقيين.