حملت الزيارة الاخيرة للوزير السعودي ثامر السبهان الى لبنان، رسالتان احداها كانت واضحة في شكلها لعدم زيارته رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، فيما الرسالة الثانية شملت اعضاء فريق قوى 14اذار المفككة والمتربصة لبعضها على خلفية انعدام الثقة فيما بينها، اضافة الى زيارة رسمية الطابع السبهان الى وزير الخارجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من داخل فريق 8 آذار.
فعدم زيارة السبهان لرئيس الجمهورية رسالة واضحة عكس عدم رضى السعودية على مواقفه المفترض ان تكون جامعة ومتناغمة مع توجهات جامعة الدول العربية، حيث ان عون حسب اوساط عربية يصنف اقرب الى الخيار الإيراني بدلا من ان يعتمد سياسة النأي بالنفس التي كانت مرتقبة منه، خصوصا ان ما قاله ابان لقائه الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز حمل مؤشرات بانه سيعتمد هذا الخيار لانه يخدم مصالح لبنان، لكن ما تبع زيارته من مواقف وأداء دلت على ابتعاده عن هذا المسار نحو المحور الإيراني، منذ بداية عهده اذ ضمت الحكومة اكثرية وزارية مؤيدة لحزب الله فيما هو لم يتدخل لكي تأتي متوازنة بين كل القوى وترك رئيس الحكومة المكلف يومها سعد الحريري في المواجهة وتكاتف عون ضده بدلا من ان يتدخل لتشكيل حكومة لا يتحكم بها حزب الله وزاريا، ومن هذا الموضوع الى غير مواقف لرئيس الجمهورية تبعتها تحفظات وانتقادات حينها وصولا الى ما يحصل حاليا من سيطرة حزب الله على القرار السياسي - العسكري كما دلت معارك الجرود.
اما الرسالة الثانية كانت جد واضحة وتحمل عتاب وتساؤلات الى قطبي التسوية الرئاسية الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، عما حققه انتخاب رئيس الجمهورية حتى حينه من مكسب سيادي، بِعد ان كانا ابلغا القيادة السعودية كل عبر قنواته بان انتخاب عون رئيسا للجمهورية من شأنه ان يحقق وقف التمدد الإيراني من خلال رغبة حزب الله بالفراغ الرئاسي يومها، ويمنع سقوط الدولة ومؤسساتها، كما يبعد وصول عون الى قصر بعبدا سقوط تسوية الطائف لصالح كأس المثالثة...
الا ان الواقع لا يعكس هذا النجاح السياسي لكل من الحريري وجعجع، بل ان السبهان تتابع الاوساط الدبلوماسية العربية عبر بوضوح بان البلاد انزلقت اكثر في اتجاه الوصاية الإيرانية برضى رئيس الجمهورية، وهو امر غير مقبول ولا يمكن ان يسكت عنه المجتمع العربي والخليجي، لان امتلاك لبنان، وخيارا ايرانيا هو تحد للسعودية وللمجتمع الدولي،اضافة الى ما قد يحمل من أضرار جانبية على اقتصاده، اذ ليس المطلوب توتير البلاد وإدخالها في مواجهات على ما هو كلام السبهان، بل على القوى السيادية عدم التخلي عن دورها واعتبارها ان حزب الله هو المعبر الأساسي لدخولهم السلطة، ولذلك فان التقهقر السياسي بات خطوة ملتبسة وتفسر انكسارا ومهادنة له.
وتابعت الاوساط بان السبهان سيكثف من زيارته في المرحلة المقبلة بقرار سعودي ،سيما انه حقق إنجازات في عدة ملفات بينها العراقي ونجاحه في ترتيب زيارة رجل الدين العراقي ورئيس التيار الصدري الشيعي الشيخ مقتدى الصدر الى ولي العهد وزير الدفاع محمد بن سلمان مع ما تحمل هذه الخطوة من بعد لتقوية الخط العربي.
ولذلك فان السبهان ستكون له زيارات لاحقة وربما في اتجاه واحد، كما ان البيئة السنية في لبنان تتطلب عملا «شاقا ودؤوباً» في ظل حالة الاحباط التي تعانيها حيث تبين بان الحريري كرئيس «حكومة استثنائي» هو امر وحده لا يكفي لمعالجة هذا النوع من الاحباط داخل هذه الشريحة المؤثرة لان امتداده نحو الطبقات المثقفة في ظل هذا الواقع الانكساري من شأنه ان يفتح الباب لاختراقه من المتطرفين لها وصولا الى ما بعدهم... ولذلك فان السعودية ستدخل مباشرة على خط التواصل مع دار الفتوى والمؤسسات والمدارس الدينية، فسلامة واستقرار الطائفة السنية في منطقها يقوي خط الاعتدال الذي تعمل له الرياض بحسب الاوساط الديبلوماسية العربية.