تقود الولايات المتحدة الأميركية تحالفاً دولياً ضدّ الإرهاب، وعلى مدى ثلاث سنوات من الطلعات والغارات الجوية التي ينفذها هذا التحالف، لم يتمّ استهداف مواقع الإرهابيين، ليس لأنّ واشنطن عاجزة عن تحديد مثل هذه المواقع وقصفها، بل لأنها وحلفاءها غير جادّين في محاربة الإرهاب والتخلص من أخطاره.
اللافت أنّ غارات التحالف الأميركي على مدينة الرقة السورية، تستهدف المدنيين، أطفالاً ونساء. وفي كلّ يوم هناك ضحايا نتيجة هذه الغاراتز كما أنّ التحالف الأميركي، نفذ غارات جوية ضدّ مواقع للجيش السوري في غير منطقة، تزامنت مع قيام «داعش» بتنفيذ هجمات على المواقع ذاتها، لا سيما مواقع الجيش السوري في جبل الثردة بدير الزور، بما يقدّم دليلاً دامغاً على أنّ وظائف «التحالف الدولي» ليست محاربة الإرهاب والقضاء عليه، بل توفير الغطاء الجوي من أجل تمدّد هذا الإرهاب وتوسعة مساحات سيطرته.
الولايات المتحدة الأميركية لا تنفي هذه الوقائع ولا تفعل ما يناقضها، وتعترف باستهداف المدنيين «عن طريق الخطأ»، كما تزعم.
ولأنّ سياسة واشنطن ثابتة على هذا النهج، فإنها منزعجة كثيراً مما حصل في جرود القلمون الغربي وعرسال ورأس بعلبك والقاع من الجهتين السورية واللبنانية، وهي صعقتها النتائج التي حققتها المقاومة والجيشان السوري واللبناني، وكيف تمّ إلحاق الهزيمة بالمجموعات الإرهابية وإجبارها على الاستسلام في بضعة أيام. وكيف كان في وسع المقاومة والجيشين الإجهاز كلياً على العناصر الإرهابية، لولا الحرص على معرفة مصير ثمانية عسكريين لبنانيين اختطفهم التنظيم الإرهابي في مراحل سابقة في العام 2014.
لذلك، فإنّ فرض الطائرات الأميركية حصاراً على بضع مئات من عناصر «داعش» وعائلاتهم في الصحراء، لا يندرج في خانة العمليات الحربية ضدّ الإرهاب، فهؤلاء الإرهابيون المحاصرون، مهزومون وقد خارت قواهم في المعارك واستسلموا أذلاء، لذا فإنّ منعهم من الوصول الى وجهتهم، إنما هو محاولة للتخفيف من وطأة الحرج الشديد الذي أصيبت به أميركا وحلفاؤها بعد انكشاف حقيقة عدم جدّيتها في محاربتها الإرهاب، وسطوع نجم المقاومة والجيشين السوري واللبناني في تحقيق انتصارات سريعة وحسم معارك القلمون وعرسال والقاع ورأس بعلبك.
أميركا تحاصر في الصحراء إرهابيّين استسلموا في معارك الجرود، وهذا الحصار لا ينفي أنها تقف وراء الإرهاب وتدعمه، بل يظهرها على حقيقتها، بأنها تتعقب الإرهابيين الذين ينهزمون في المواجهات. وهذه من رسائل الدعم الواضح الذي تقدّمه أميركا للإرهاب.
رسائل دعم الإرهاب، لا تلقى آذاناً صاغية في الميدان، حيث يقترب الجيش السوري وحلفاؤه من مدينة دير الزور، بعد إنجازات كبيرة في القلمون الغربي وأرياف حماة وحمص.
لكن للرسائل الأميركية قراء أغبياء وقد تفتقت عبقرياتهم فأنتجت تفاهات. ذلك لأنّ رسائل الميدان أقوى من رسائل أميركا لدعم الإرهاب.