في الوقت الذي نجح فيه الجيش السوري في فك الحصار، الذي يفرضه تنظيم "داعش" الإرهابي على مدينة دير الزور، يبدو أن مسرح العمليات الفاصل في الحرب على التنظيم سيكون في مكان آخر، حيث ستتداخل العوامل السياسية والعسكرية المتناقضة ببعضها البعض.
من حيث المبدأ، تعتبر دير الزور هي المعقل الرئيسي لـ"داعش" على الأراضي السورية بعد مدينة الرقة، وجميع اللاعبين الإقليميين والدوليين يسعون إلى حجز موقع لهم في معارك التحرير التي تُخاض، والتي تأتي في سياق ما بات يعرف بـ"حرب وراثة" التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق.
في هذا السياق، توضح مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، أن المرحلة الأولى من العملية التي يقوم بها باتت على نهايتها، ويمكن القول أنها أنجزت، أي على مستوى فك الحصار عن مطار دير الزور والقطاعات العسكرية المتواجدة في المدينة، لكنها تتوقع أن تخف وتيرة العملية في المرحلة المقبلة، نظراً إلى أن وجود العديد من العقد السياسية والعسكرية الكبيرة في طريقها.
وتشير هذه المصادر إلى أن محافظة دير الزور ستكون على موعد مع سباق كبير نحو السيطرة عليها بين كافة اللاعبين، وتوضح أنه في الفترة السابقة ظهرت 3 جهات تسعى إلى أن تتولى خوض المعارك فيها هي: الجيش السوري، "قوات سوريا الديمقراطية"، فصائل "الجيش السوري الحر" المدعومة من قبل الولايات المتحدة الأميركية، وتلفت إلى أن تلك الفصائل باتت بحكم المنتهية على هذا الصعيد، لا سيما بعد التقدم الواسع الذي أحرزه الجيش السوري في البادية السورية، حيث لم تتأخر واشنطن، عبر غرفة عمليات "الموك"، في الطلب منها الإنسحاب إلى الأردن.
إنطلاقاً من هذا الواقع، توضح المصادر نفسها أن التنافس سيكون بين "قوات سوريا الديمقراطية" والجيش السوري بشكل أساسي، مشيرة إلى أن الأولى كانت تعدة العدة لهذه المعركة بالرغم من إنشغالها في معركة تحرير الرقة، التي لا تزال تحتاج بعض الوقت حتى الإنتهاء منها، وتلفت إلى أن قواتها ستنطلق من مدينة الشدادي، بدعم من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، نحو الريف الشمالي لدير الزور، بينما سيستكمل الجيش السوري معاركه من المحاور التي يخوض مواجهات فيها مع عناصر "داعش".
من وجهة نظر المصادر المطلعة، مسرح العمليات العسكرية الفاصل سيكون على طول خطر نهر الفرات، وبشكل رئيسي في البوكمال والميادين على الحدود السورية العراقية، نظراً إلى أن "داعش" نقل أغلب قياداته الكبيرة إلى هذه المنطقة، وهو سيخوض معارك ضارية فيها، وتوضح أن المعركة في هذه المناطق ستكون مرتبطة إلى حد بعيد بتوجه الجانب العراقي، بسبب تشابكها مع منطقة القائم في الجانب الآخر من الحدود، وتضيف: "القائم تعتبر من أبرز معاقل التنظيم الإرهابي حيث تتواجد القيادات الأساسية له فيها"، وتطرح العديد من علامات الإستفهام حول الموقف العراقي في المرحلة المقبلة، خصوصاً بعد التوتر والسجال الذي طبع العلاقة على خلفية إتفاق نقل عناصر "داعش"، الذين إستسلموا، من الحدود اللبنانية السورية إلى البوكمال الذي أبرم مع "حزب الله".
بالنسبة إلى هذه المصادر، يمكن اليوم القول أن أيام "داعش" باتت معدودة على مستوى التواجد في المدن الكبرى، لكنها تشدد على صعوبة المرحلة المقبلة، خصوصاً أن الإشتباك السياسي والإقليمي على مستوى المنطقة لن يكون بالسهولة التي يتصورها البعض، بالرغم من أن ملامح الإتفاق الأميركي الروسي، الذي حصل خلال اللقاء الذي جمع الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، لا يزال هو الطاغي، بعيداً عن الأزمة التي سيطرت على العلاقة بين البلدين في الأيام الأخيرة.