بعد تحرير جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع من إرهابيي "جبهة النصرة" و"داعش" إتجهت الأنظار الأمنيّة والسياسية الى مخيّم عين الحلوة، وتحديداً الى الأحياء التي يتغلغل فيها إرهابيون كبار كشادي المولوي وأسامه الشهابي وتوفيق طه وغيرهم، وبدأ البحث الجدي بكيفية إقفال هذه الثغرة الأمنية التي تهدد الفلسطنييين واللبنانيين في آن معاً، وهذا ما عبّر عنه المدير العام للأمن العام اللواء عباس أبراهيم في إطلالاته الإعلامية، التي، تلت الكشف عن مصير العسكريين الشهداء الذين خطفهم تنظيم "داعش" بعد غزوة عرسال 2014 ثم أعدمهم في وقت لاحق.
إنّ ملف إرهابيي مخيم عين الحلوة وُضع على نار حامية، ويُدرس على أعلى المستويات الرئاسيّة والعسكريّة، ولكن بكثير من الدقة لأن عدد الإرهابيين والمطلوبين في المخيم قليل جداً مقارنة مع عدد قاطنيه من اللاجئين الذين يبلغ عددهم المئة ألف نسمة. "بكثير من الدقة بالتأكيد، لأن المئة ألف فلسطيني يعيشون في بقعة جغرافية لا تتخطى مساحتها الكيلومتر المربع الواحد، وبالتالي اذا كان المطلوب أمنياً تطهير المخيم من الإرهابيين والمطلوبين، فليس المطلوب أبداً إرتكاب مجزرة بحق المدنيين أو التدمير، ولا حتى تحويل المعركة الى حرب بين الجيش اللبناني والفصائل الفلسطينية المسلحة"، تقول المصادر الأمنية المتابعة".
وفي هذا السياق، يكشف المتابعون لهذا الملف عن إتصالات مفتوحة بين الأجهزة العسكرية والأمنية اللبنانية والفصائل الفلسطينية للتوصّل الى كيفيّة إنهاء ظاهرة الإرهابيين في المخيم بأقل ما يمكن دفعه من أثمان بشرية وماديّة، وكي لا ترسو الأمور على خيار العملية العسكرية، كما حصل في مخيم نهر البارد منذ عشر سنوات ضد تنظيم "فتح الإسلام" وأميره شاكر العبسي. لذلك تتحدث المعلومات التي تتسرب من المخيّم عن سعي الفصائل الفلسطينية الى تقسيم المطلوبين داخل المخيم عبر لوائح إسميّة الى ثلاث مجموعات:
-لائحة أولى تضم أسماء المطلوبين الصغار كمطلقي النار والمشاركين ببعض الأحداث، وذلك بهدف تسليم أنفسهم الى الأجهزة الأمنية للمحاكمة وإقفال ملفاتهم بعد صدور الأحكام وتنفيذها، كما حصل مع عدد كبير من موقوفي أحداث طرابلس بين جبل محسن وباب التبانه.
-لائحة ثانية تضم أسماء مطلوبين كبار بجرائم إرهابية، ولكن قد يثمر التنسيق الأمني اللبناني-الفلسطيني بإلقاء القبض عليهم عبر عمليات دهم نوعية، كما حصل يوم ألقت مخابرات الجيش القبض على أمير داعش عماد ياسين.
-لائحة ثالثة، وفيها المطلوبون الكبار غير القابلين للتفاوض إلا على ترحيلهم الى سوريا ومن بينهم شادي المولوي، والمزنّرين دائماً بأحزمة ناسفة قد يعمدوا الى تفجيرها فور شعورهم بإن لحظة توقيفهم قد دقت. هي اللائحة الأصعب، وهي التي ستكون الكلمة الفصل في كيفية معالجتها للجيش اللبناني وبالتنسيق الكامل مع الفصائل الفلسطينية، مع العلم أن عملية ترحيل هؤلاء الى خارج لبنان لم تطرح بعد على الصعيد الرسمي اللبناني، ومن المتوقع ألا تطرح نظراً الى ملفاتهم الحافلة ارهابياً.
إذاً، هل ستكون المعركة التالية بعد الجرود داخل أزقّة مخيم عين الحلوة؟ سؤال أصبح حديث الصالونات السياسية والغرف العسكرية، غير أن الإجابة عليه ستبقى محصورة بقيادة الجيش ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون، خصوصاً أن قرار تكليف الجيش بمعالجة الثغرات الأمنية في عين الحلوة ليس من الصعب إستصداره على طاولة مجلس الوزراء.