من يتابع في الآونة الاخيرة ما يصدر عن الوزير السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان يعتقد ان لبنان بات مقاطعة من مقاطعات ومحافظات السعودية ولو كانت المسافة الجغرافية بعيدة نسبياً، وكأني بالسبهان يعتقد ان بإمكانه شراء لبنان على غرار شراء جزيرتي تيران وصنافير المصريتين. ويسود الاعتقاد ان رئيس الحكومة سعد الحريري وتيار المستقبل الذي عاد للانعقاد برئاسة نائب الحريري النائب السابق باسم السبع يمني النفس بصفقة عقارية تمنح الولاية السياسية والجغرافية للملك السعودي المقبل الامير الحالي محمد سلمان على لبنان ويتم تفريغه وتسجيله في الدوائر العقارية اللبنانية.
ورغم انه لم يسبق ان حدثت ان بيع وطن بكامله وليس قطع منه الى دولة اخرى عربية او اجنبية طبعاً بالتراضي وليس غصباً او عنوة او عبر حرب او عبر القاء قنبلتين نوويتين وتم تدمير البلد او جزء منه او مسح قسم منه عن بكرة ابيه كما فعل الاميركيون في الحرب العالمية الثانية بعدما مسحت منطقتا هيروشيما وناكازاكي بالكامل. ورغم الاستسلام المذل للامبراطورية اليابانية العظيمة للاميركيين لكن اليابان لم تبع لاميركا ولم تحتل ولم تفرغ من شعبها. ولم يصنف شعبها على انه تابع لمحور الفرس او الايرانيين او لمحور الشيطان ولحزب الشيطان.
وامس جدد السبهان وفي تصميم غريب على مقولة ان حزب الله هو حزب الشيطان وان ايران هي منبع التطرف والارهاب وان حزب الله هو ابن ايران البكر. المفارقة في الامر مسألتين: في تصريحاته منذ ايام هدد السبهان لبنان واللبنانيين وكل من يتعايش مع حزب الله في الحكومة والبرلمان وكل البلد بأنه سيدفع الثمن. وللاسف خرج امس تيار المستقبل بعد اجتماع مكتبه السياسي لـ"يُطيّب" للسبهان وليثني وليمجد ما قاله هذا المفكر السياسي الخليجي الكبير فرشح عن التيار الازرق ان ما يقوم به حزب الله في لبنان وسورية والعالم العربي يسبب الضرر لعلاقات لبنان مع محيطه العربي ومع دول الخليج تحديداً فالمطلوب السكوت عن مجازر البحرين واليمن وعن المجازر في سورية بايادي التكفيريين الذين بات المعتقلون منهم يعترفون بمصادر التمويل والتسليح الذي يأتي من الخليج وعبر تسهيلات من دول المنطقة ومباركة الاميركيين والاوروبيين والاسرائيليين.
والمطلوب ايضاً ان يبقى لبنان محتلاً من الاسرائيليين جنوباً وان يبقى الارهاب والتكفير جاثماً في جروده الشمالية وعلى طول سلسلة لبنان الشرقية.
ما قاله السبهان عن رعاية ايران وحزب الله للارهاب ليس باطلاً وزيفاً فقط بل فيه مغالطات وتزوير للحقيقة بالامس انتصر حزب الله والمقاومة والجيش والشعب على الارهاب في جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع. وبالامس ايضاً انتصر حزب الله والجيش السوري وبمساعدة ايران وروسيا على داعش والنصرة في ريف حمص وفي القلمون وفي الغوطة وفي دير الزور وفي اطراف درعا الخ. فمن يرعى الارهاب اذن؟ هو من يحاربه؟ او من يدافع عنه ويزوده بالمال والسلاح؟
من اليوم فصاعداً لم يعد امام الحريرية السياسية الا ان تعيد حساباتها الداخلية بعدما انكشفت تبعيتها للمشروع الاميركي- السعودي في لبنان وسورية والمنطقة. وهذه التبعية باتت مؤذية للبنان ولشعبه ودفع ثمنها دماء غالية جداً منذ عدوان تموز في العام 2006 الى احداث 7 ايار في العام 2008 الى استشهاد عشرات المدنيين والعسكريين بفعل الارهاب التكفيري الى عبرا وطرابلس و"غزوتي" عرسال وجرود رأس بعلبك والقاع. وانكشفت كل الاصابع الضالعة من الداخل اللبناني في رعاية حركة الارهابي احمد الاسير وقادة محاور طرابلس الى ابو طاقية وابو عجينة وكل ارهابي سرح ومرح بتسهيل من بعض سكان عرسال.
فالاستمرار بالولاء والتمجيد للسياسة السعودية المدمرة والخطيرة على لبنان والمنطقة، يجب ان يقابل برد حازم من حزب الله والرئيس نبيه بري والسيد حسن نصرالله وكل قيادات 8 آذار فليس مقبولاً ان يكون رئيس حكومة لبنان شخصية ضعيفة وتتلقى اوامرها من الخارج وتجر لبنان الى البيع في المزاد العلني والى رهنه سياسياً وجغرافياً للسبهان ومعلميه في الرياض فلبنان العصي على كل الغزاة والارهاب والصهاينة لن يخضع لاي ابتزاز وتهديد ومن اي جهة اتى ومهما طال الزمن سيبقى بلد المقاومة والعلماء والشهداء.