تسلك التحقيقات في قضية العسكريين الشهداء مساراً جدياً وهي بدأت بشكل صحيح ومن اعلى سلطة في الدولة بهدف الوصول الى الحقيقة الكاملة وان ما عبر عنه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في اكثر من إطلالة وموقف في الايام الماضية ينال رضى الجميع من اهالي الشهداء الى القوى السياسية وخصوصاً فريق 8 آذار وحليفيه حزب الله وحركة امل فالكل يجمع على ان المطلوب هو كشف من سهل عملية خطف العسكريين وكيف سلموا الى النصرة وداعش الارهابيين ولماذا منع الجيش اللبناني من هجوم مضاد لتحريرعسكرييه ولماذا اعطي اوامر سياسية بالتوقف والهدنة مع التكفيريين؟ فهذه المطالب ليست سياسية وليس المطلوب تمييع الامر بالسياسة وتضييع الحقيقة بالسجالات والمزايدات. وتجمع المعطيات على ان المسؤول الاول والاخير في ما جرى في عرسال هو تيار المستقبل والرئيس سعد الحريري تحديداً وفريق 14 آذار الذين امنوا الغطاء السياسي لما كان يحدث في عرسال وسمحوا للشيخ مصطفى الحجيري ورئيس البلدية السابق علي الحجيري بالتمادي مع الارهابيين والتواطؤ معهم ومع المرتكبين من دون ان يصدر عنهم حتى كلمة ادانة او استنكار او مساعدة على التوصل للقتلة حينها.
فليس كافياً اليوم رفع الغطاء من الحريري والمستقبل عن كل من علي الحجيري ومصطفى الحجيري وتوقيفهم من قبل الجيش بل المطلوب محاسبة كل من تورط في تلك المرحلة في جريمة خطف العسكريين وقبلها كل الجرائم التي حصلت في عرسال.
الرئيس الحريري يريد بدوره ان ينقل "المعركة" الى مكان آخر فقام بزيارة الرئيس تمام سلام للقول، ان الحريري يغطي سلام في وجه اي تحقيق، فمن جهة افرد حديثه لمنع الفتنة السنية- الشيعية وهذا الحديث مطلوب تطبيقه على الارض ومطلوب تحصين الساحات بين السنة والشيعة وجيد الحوار القائم بين تيار المستقبل وحزب الله ولو هو متوقف "لوجستياً" وعملياً عن الانعقاد في عين التينة ويقول معنيون بهذا الحوار انه لم يلغ او يُمح عن الجدول لكن التطورات الحاصلة والتي ادت الى انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة واقرار قانون الانتخاب نقلت الحوار الثنائي وموضوعاته الى الحكومة التي تعقد على الاقل مرة اسبوعياً والى مجلس النواب الذي استعاد جلسات محاسبة الحكومة والتشريع بعد غياب طويل وقسري خلال فترة الفراغ الرئاسي.
في الشق الاول مما اراد الحريري "توصيله" خلال زيارته المصيطبة كان ايجابياً وتلقى رداً من نائب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الشيخ نعيم قاسم. وقال للحريري: اذا اردت
الحوار المباشر والشخصي فاللحظة سانحة وهذا امر جيد من قيادة حزب الله والمقاومة التي تفضل الحوار مع كل القوى السياسية حتى مع سمير جعجع ولكن "بحدود" نيابية ووزارية.
في الشق الثاني من رسائل الحريري اوحى الحريري انه يغطي سلام وسيمنع المس به وللمفارقة ان الشيخ عبد الامير قبلان ونجله الشيخ احمد اتصلا بسلام بعدما كان الرئيس نبيه بري في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر ايضاً قال ان سلام لا يتحمل مسؤولية ما جرى في عرسال في العام 2014 فهذا يعني ان لا حملة "شيعية" لا من امل ولا من حزب الله على سلام ولا احد يستهدفه. فبالتالي الاولى وفق سياسي بارز في8 آذار ان "يغطي" الحريري نفسه اولا وان حزب الله وكل تحالف 8 آذار ليس لديه مشكلة مع سلام او غيره المطلوب التحقيق في ملابسات المرحلة السياسية السابقة بكل رموزها وليس اشخاصا بعينهم الفكرة ان يحاسب المتورط المباشر على الارض ومن خلفه المتواطئ والمقصر الى الذي اعطى الامر السياسي بالتراجع والتقصير.
فالتحقيق قضائي وشفاف وفي يد السلطات المختصة وهو سيكون شفافا وحاسما وفي عهدة رئيس الجمهورية ولن نقبل بتمييعه او تحريفه او توجيهه نحو بعض الاشخاص المتورطين وليس كلهم.
في لبنان آن الأوان ان نتعود على لغة المحاسبة وكشف الدفاتر واعادة تقويم كل مرحلة سياسية تمضي وخصوصاً اذا خلفت نتائج كارثية كحوادث عرسال 2014 وخلفت شهداء وحزنا واسى في بيوت لبنانية كثيرة بسبب تكاسل وتخاذل من كان في السلطة آنذاك.
فالمطلوب لكي نبلغ سن الرشد السياسي وان نكون مسؤولين بكل ما للكلمة من معنى ان نتحلى بالجرأة وان نقول لكل مقصر او متخاذل او متواطئ انت كذلك وتفضل الى المحاسبة حتى ولو كان الحريري نفسه الذي بات يحاضر يميناً وشمالاً في التحقيقات ونزاهتها وهنا المطلوب ان يعترف بأخطائه وان يترك التحقيق يطال كل متورط ولو كان هو اذا ثبت الدليل الشفاف طبعاً.