أكد وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول، خلال انطلاق أعمال المؤتمر الدولي الأول للحوار بين الأديان عنوان "نحو ثقافة الحوار بين الأديان" ممثلا رئيس الجمهورية ميشال عون أنه "كثير اليوم هو الكلام الذي يدمِّر أكثر مما يبني، ويدمي بدل أن يداوي، ويلغي الآخر في حين أن الحياة تتطلب المشاركة، والقبول، والاحترام المتبادل. حتى في قلب عائلاتنا نفتقد لغة الحوار، فتنقسم العائلات وتتفسخ، وتعلو الجدران والأصوات والنزاعات فيما المطلوب قلوب مفتوحة على المحبة والإصغاء. نفتقد الحوار في زمننا المشحون، في كافة المجالات. في السياسة عصبيات وتخوين، وفي الدين تكفير وإقصاء، وفي العمل حروب حيتان جشعة، وفي العلاقات الدولية نزال مصالح والكلمة الأخيرة للأقوى، وفي المنزل، وبين الجيران، وبين مختلفي الرأي ونمط الحياة. حتى يبدو لنا أن العلة باتت في جوهر الإنسان ولم تعد عارضا".
وأشار رفول الى أن هذا المؤتمر "سيحيط بالأسباب والظواهر، ويؤشر إلى العلاج الناجع"، لافتاً الى أنه "حسنا فعل المنظمون مشكورين، بأن وضعوا عنوانا لهم البحث عن ثقافة الحوار بين الأديان، بعدما باتت أسوأ الانتهاكات البشرية ترتكب باسم الدين. وأريد أن أذهب أبعد من هذا العنوان لأتحدث عن ثقافة الحوار داخل الدين نفسه. وهنا تبدو البداية. فالدين هو لغة ايمانية من جهة، ومؤسسة بشرية من جهة ثانية تحمل رسالة مستقاة من التعاليم التي تؤمن بها. ودور هذه المؤسسة جوهري في نقل التعاليم بالطرق المناسبة، وايجاد روابط انسانية بينها وبين أتباع ديانتها، وبين الأتباع أنفسهم. لا بل عليها أن تحتضن المؤمنين، وتعلمهم لغة المحبة والحوار، وتربيهم على الانفتاح وقبول الاختلاف. وعليها أن تفعل ذلك قبل الانتقال إلى مرحلة الحوار مع الأديان الأخرى".
ولفت الى أنه "من المؤسف أن نشعر اليوم باتساع موجة الكفر بالدين بين الجيل الجديد، في مقابل اتساع ظاهرة أكثر خطورة وهي العصبية الدينية العمياء، وتكفير الآخر ومحاولة إلغائه، ويحدث ذلك داخل الدين نفسه قبل أن يحدث حتى بين الأديان. نعم، علينا أن نبدأ بالعائلة، لنعلم أولادنا فيها ثقافة الحوار، ونواصل تلقي هذه الثقافة في مؤسساتنا التربوية، وكذلك في رحاب الجامع والكنيسة من خلال العظات والخطب. وعلينا أيضا أن نحصن احترام الآخر والمساواة في قوانينا، بمعزل عن انتماء الفرد الديني، والثقافي، والفكري، والعرقي. وحسنا فعلت دولة الإمارات العربية المتحدة حين أصدرت قبل سنتين قانونا يقضي بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومكافحة كافة أشكال التمييز ونبذ خطاب الكراهية".
وأكد رفول أن "جوهر الدين هو التواصل مع الله. فكيف يمكن أن نتعلم هذا التواصل ونعيشه، إذا افتقدنا القدرة على التواصل مع من حولنا بالحوار والكلمة؟ وفي عالم فقد الانسان فيه بوصلة السلام الداخلي، وازدادت أفعال الوحشية والكراهية وتحطيم القيم والمبادىء الإنسانية السامية، لا بد من مراجعة عميقة لما وصلنا إليه، وجرأة في تحمل المسؤوليات. وأتمنى أن يتخلل مؤتمركم هذا مثل هذه المراجعة، ويتحلى بالجرأة اللازمة للكشف بمسؤولية عن مواطن الخلل".
وأشار الى أنه "باسم راعي هذا المؤتمر فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي شرفني بتمثيله في هذه الجلسة، أتوجَّه بالشكر إلى القيِّمين على جامعة المعارف والجمعية اللبنانية لتقدم العلوم، لإتاحتهم الفرصة لي للتوجه إلى نخبة من المسؤولين الدينيين، والعلماء والأخصائيين، وبتحية تقدير على المجهود المبذول لالتئام هذا المؤتمر، وجعله منصة حوار حقيقي عسى أن تؤسس لخطوات عملية تزرع ثقافة الحوار في نفوس أبنائنا للخروج من النفق المظلم الذي تتخبط به منطقتنا العربية والعالم".