اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للرئيس الجديد لبعثة صندوق النقد الدولي الى لبنان السيد كريستوفر جارفيس خلال استقباله له قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، ان تعزيز القطاعات الانتاجية في لبنان، وزيادة الاستثمارات فيه ومكافحة الفساد، تشكل اسس خطة النهوض الاقتصادي التي بدأ لبنان تطبيقها بعد سنوات من اعتماد سياسة الاقتصاد الريعي. واشار الرئيس عون الى ان هذه الخطـــة تترافق مع خطة اصلاحية واسعة النطاق تشمل الانظمة والقوانين والوظائف الادارية والقضائية وتركّز خصوصا على التدقيق في موارد الدولة ونفقاتها بغية اقامة توازن ايجابي. وشدد رئيس الجمهورية على ان كل التدابير التي اتخذت منذ انتخابه رئيسا للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة سوف تستكمل حتى تتحقق الغاية المنشودة وهي تأمين الاستقرار الاقتصادي المتلازم مع الاستقرارين الامني والسياسي في البلاد.
واكد الرئيس عون للوفد على ان اي انفاق مالي او استثماري جديد لا بد ان يأخذ في الاعتبار الحاجة الحقيقية اولا ثم استخدامه بشكل جيد انطلاقا من الحرص على تحديد الاولويات الضرورية وعلى وضع مشاريع ذات مردود سريع تفاديا لاي تأثير سلبي على عجز الموازنــــة والدين العام المتزايد.
وعرض الرئيس عون خلال الاجتماع الازمات التي أثرت على الوضع الاقتصادي في لبنان، ومنها الازمــــة المالية العالمية والحروب التي شهدتها دول الجوار والتي ادت الى اقفال طرق التصدير والاستيراد، وتدفق النازحين السوريين الى المناطق اللبنانية، والتداعيات الاقتصادية والاجتماعية التي نتجت عن ذلك لاسيما وان لبنان يرعى هؤلاء النازحين من النواحي الانسانية والاجتماعية والتربوية والصحية، ولا يتلقى مساعدات من الدول المانحـــة التي تذهب مباشرة الى النازحين.
وشكر الرئيس عون بعثة الصندوق النقد الدولي على متابعتها الوضع اللبناني مؤكداً استمرار التعاون في سبيل تحقيق الاهداف المشتركة.
وكان رئيس البعثة السيد كريستوفر جارفيس اعرب للرئيس عون عن استعداد صندوق النقد الدولي لمواصلة تقديم دعمه للبنان في المجالات المالية والاقتصادية واستعداده لوضع خبراته بتصرف الحكومة اللبنانية، لافتا الى ان اللقاءات التي عقدها في بيروت خلال اليومين الماضيين كوّنت لديه انطباعا بان لبنان بلد مستقر وقوي في منطقة تشوبها الاضطرابات، وان ادارة السياسة الاقتصادية اللبنانية حكيمة. وقدم السيد جارفيس مقترحات عدة لمعالجة الشأن الاقتصادي معتبرا ان اقرار موازنــة 2017 سيكون عاملا مهما، وكذلك موازنة 2018.
واكد ان اللقاءات التي عقدها مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والمدير العام لوزارة المالية آلان بيفاني، والمداولات العميقة مع رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان اظهرت تعاطيا لبنانيا جدياً مع الوضع الاقتصادي، اضافة الى الدعم السياسي الذي يقدمه رئيس الجمهورية والذي من شأنه ان يحقق النجاح المطلوب. واشار الى ان خطـــة مكافحة الفساد التي اعلن الرئيس عون عن اعتمادها تشكل عاملا مهما ينظر اليه صندوق النقد الدولي بارتياح لانه يحد من الخسائر المالية التي تتعرض لها الدولة نتيجة تراجع مواردها جراء عمليات الرشوة والفساد. كما رحّب جارفيس بموقف الرئيس عون لجهة اعتماد آليات واضحة في ادارة الاستثمار العام واي مشاريع مستقبلية في هذا الاتجاه.
وكان حضر المحادثات بين الرئيس عون وبعثة صندوق النقد الدولي، رئيس لجنة المال والموازنة النيابية ابراهيم كنعان وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والمدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير والمستشارة الرئيسية لرئيس الجمهورية السيدة ميراي عون هاشم والمدير العام لوزارة المالية الان بيفاني.
الى ذلك، كانت للرئيس عون لقاءات انمائية واغترابية وثقافية.
على الصعيد الانمائي استقبل الرئيس عون وفدا من بلدة كفرذبيان برئاسة الدكتور بسام سلامة الذي القى كلمة نقل فيها الى رئيس الجمهورية محبة ابناء كفرذبيان ودعمهم لمواقفه الوطنية، واورد عددا من المطالب التي تهم البلدة، ومنها معالجة المشاع في كفرذبيان وانشاء حوض مائي على منبع نبع اللبن الجسر الطبيعي، والاهتمام بطرقات مراكز التزلج وشبكة المياه.
واكد الرئيس عون اهتمامه بمطالب البلدة انطلاقا من ايمانه بضرورة تحقيق العدالة الانمائية وقال:"نعمل على انماء كل المناطق، الواحدة تلو الاخرى وصولا الى الحدود، وبذلك نكون قد غطينا الوطن باكمله".
والتقى الرئيس عون وفدا من " التيار اللبناني الاوسترالي المتحد" الذي تحدث باسمه السيد مارون خوري ناقلا الى رئيس الجمهورية تحيات اللبنانيين في اوستراليا عموما وملبورن خصوصا، شاكرا ما تحقق خلال العهد الرئاسي من حقوق للمنتشرين اللبنانيين سواء لجهة استعادة الجنسية اللبنانية او لجهة المشاركة في الانتخابات النيابية.
من جهته، رحّب الرئيس عون بالوفد، وأكد أن الانتشار اللبناني في العالم أصبح واسعاً جداً وذا أهمية ما حتّم تنظيم مؤتمرات اغترابية في مختلف دول الانتشار وليس فقط في لبنان، على ان ينظم لهذه الغاية مؤتمر في 23 الحالي في لاس فيغاس على أمل أن تكون اوستراليا الوجهة المقبلة للمؤتمر التالي.
واستذكر الرئيس عون زيارته لاوستراليا في العام 1998 معرباً عن أمله بزيارتها مجدداً، مشيراً الى أن وضع الجالية هناك شهد تحسناً في الفترة الاخيرة لاسيما بعد مشاركة المغتربين اللبنانيين في الحياة الوطنية فيها وتمكنهم من الاندماج في المجتمع الاوسترالي.
ودعا رئيس الجمهورية المغتربين في دول الانتشار الى عدم نقل المشاكل السياسية الداخلية من وطنهم الام الى البلد المضيف كاوستراليا وذلك خدمةً للبنان، وللمحافظة على القدرة اللبنانية في التأثير في المجتمع والحياة السياسية الاوسترالية، واصفاً الاحزاب وتأثيرها بالامر المهم بالنسبة للحياة الديموقراطية التمثيلية على أن يبقى تأثر المغتربين وارتباطهم بها في وطنهم الام.
وأكد الرئيس عون من جهة ثانية ايلاءه الاهتمام بوضع اللبنانيين المنتشرين واستعداده لبذل كل ما يلزم لتسهيل مهامهم وزياراتهم الى لبنان الذي بدأت اوضاعه تشهد تغيراً نحو الافضل على الرغم من موقعه في وسط الفوضى التي تعيشها المنطقة، إلا انه بقي مستقراً ومُنع الانقسام السياسي من ان يتّرجم صداماً على الارض.
وفي قصر بعبدا، رئيس معهد الحفاظ على تراث شارل ديغول في لبنان السيد كريستيان بيس Christian Besse مع وفد ضم السادة جورج نور وجو تابت وابراهيم تابت، الذين اطلعوا رئيس الجمهورية على مشروع إنشاء مقر لــ "معهد شارل ديغول" في المعهد العالي للاعمال في شارع كليمنصو. واوضح السيد بيس أن اهمية مشروع انشاء "معهد شارل ديغول" تكمن في ضرورة تكريم الجنرال ديغول، المفكر والعسكري ورئيس الجمهورية مؤسس الجمهورية الفرنسية الخامسة. هو الذي عرف لبنان واحبه، ومكث فيه بين اعوام 1929-1932 من القرن الماضي، وقد ذكر اكثر من مرة "ان قلب كل فرنسي صادق يخفق بطريقة مميزة عند مجرد لفظ اسم لبنان." ومن المقرر ان يشمل المعهد المزمع انشاؤه اقساما عدة من متحف واماكن تربوية ومكتبة الى الاقسام الادارية المتخصصة، وذلك ضمن حرم "المعهد العالي للاعمال"، في بيروت، بهدف احياء كل ما يرتبط بالذاكرة الجماعية اللبنانية-الفرنسية حول الجنرال ديغول، ما يجعل من المعهد نقطة استقطاب لأخصائيين ومفكرين وطلابا، لإقامة دورات تدريب ومنتديات حوار، ويكون مفتوحا امام الراغبين للاطلاع على ارث الجنرال ديغول بشكل عام، على ان يتم تمويل المشروع من خلال حملة دعم وتبرعات.
ونوّه الرئيس عون بجهود القيّمين على مشروع اقامة " معهد شارل ديغول"، مستذكرا الرئيس الفرنسي الراحل ومواقفه تجاه لبنان، متمنيا انجاز المشروع في اسرع وقت ممكن حتى يكون منصة للبحوث والتبادل الثقافي والحوار.