ليست جزين وحدها التي دخلت باكرا في جوّ الانتخابات النيابية والتشنجات المتوقع ان ترتفع حدتها مع اقتراب الموعد المحدد للاستحقاق النيابي في ايار المقبل، فزحلة التي تبدو من بعيد هادئة وديعة بدأت فعليا تغلي على وقع حزم معظم الأحزاب أمرها وانصرافها لتحديد مرشحيها في ظل المعلومات المتوافرة عن توجهها لتشكيل لوائح متجانسة وان كانت لا تزال تواجه تحديا أساسيا يتعلق باعداد لوائح كاملة وقادرة على جذب العدد الأكبر من أصوات الناخبين.
وقد بدأ أهالي زحلة قبل أيام معدودة بتلقّي اتصالات ومقابلة مندوبين في الشوارع لاستطلاع آرائهم بخصوص المرشح المفضل لديهم في المدينة والذي سيعطونه صوتهم التفضيلي، وذلك باطار المرحلة الثالثة من استعدادات "التيار الوطني الحر" لحسم أسماء مرشحيه وتشكيل لوائحه. الا أن اللافت في هذه المرحلة هو ان خيار المستطلعين لا ينحصر بالمرشحين العونيين والذين يمتلكون بطاقات حزبيّة بل يتشعب ليطال كل المرشحين في المدينة ايا كانت طوائفهم ومذاهبهم. وبحسب المعلومات تضم اللائحة التي يجول بها مندوبو احدى شركات الاستطلاع شوارع زحلة، 25 اسما، بينهم عدد لا بأس به من المتموّلين الكبار.
وقد رست المعركة الانتخابية داخل التيار البرتقالي في مرحلتيها الاولى والثانية على اسمي النائب السابق سليم عون ووزير الثقافة السابق غابي ليون كمرشحين رسميين للتيار، الاول عن المقعد الماروني والثاني عن المقعد الأرثوذكسي بغياب مرشحين عن باقي المقاعد وأبرزها المقعدين الكاثوليكيين. لكن المفارقة ان قيادة التيار لن تُلزم نفسها بهذه النتائج لتحديد مرشحيها في زحلة، اذ تشير مصادر مطلعة الى ان نتائج الاستطلاع المستمر حتى نهاية الشهر الجاري ستكون أساسية في سياق تحديد المرشحين النهائيين، ففي حال تبين للقيادة ان بعض الاسماء حتى ولو لم تكن عونية، حصلت على عدد كبير من الأصوات ما يمكنها من تشكيل رافعة للائحة البرتقالية، فهي لن تتوانى عن تبنّيها. وهنا تنبه المصادر من تفشي ظاهرة "بيع المقاعد النيابية" في هذا الاستحقاق بعدما طبعت الاستحقاقات الماضية ظاهرة "شراء الأصوات"، علما انّها ظاهرة لا تنحصر بحزب واحد بل بمعظم الأحزاب التي تخوض الانتخابات في زحلة، لافتة الى ان "بعضا من الاسماء الـ25 التي يتم التداول بها لا تمتلك حدا أدنى من صفات المرشح او النائب، وكل ما تمتلكه هو المال". وتضيف المصادر: "استبدال مناضلين حزبيين ومثقفين يشبهون زحلة بهؤلاء، يهدّد العراقة التي لطالما اتّصفت بها المدينة خاصة وان عددا منهم ليس مخولا حتى لخوض غمار العمل التشريعي".
ويبدو ان قيادة "التيار الوطني الحر" حسمت ومنذ فترة موقفها بما يتعلق بمرشحها عن المقعد الكاثوليكي لجهة توجهها لتبني ترشيح ميشال ضاهر، وهو ما بدا جليا نهاية شهر تموز الماضي حين حضر وزير الخارجية جبران باسيل احتفالا لشركة "ماستر شيبس" التي يرأسها ضاهر والذي يعد أحد أهم رجال الأعمال في عروس البقاع. وقد افتقر "التيار" طوال السنوات الماضية لمرشح كاثوليكي عوني ولطالما كان يجيّر هذا الخيار لرئيس "الكتلة الشعبية" الوزير الراحل الياس سكاف. لكن العلاقة التي كانت تجمع الراحل برئيس الجمهورية العماد ميشال عون هي غير العلاقة التي تجمع رئيسة الكتلة الحالية ميريام سكاف برئيس التيار جبران باسيل، ما يرجح فرضيّة اقدام السيدة الزحلاوية المحبوبة على تشكيل لائحة بشكل منفرد وان كانت كما "التيار" وباقي الأحزاب لا تقفل أبوابها اطلاقا على تحالف مع تيار "المستقبل" ومع الثنائي الشيعي. اما حزب "القوات"، فيبدو انّه هو الآخر يتجه لتبني ترشيح الطبيب بيار فتوش عن المقد الكاثوليكي وهو ما أدّى الى شرخ في عائلة فتوش سينسحب لا شك على عملية توزيع الأصوات بين بيار وعمّه نقولا فتوش في الانتخابات المقبلة. وتشير المعلومات الى امكانية ترشيح "القوات" عن المقعد الكاثوليكي الثاني وزير الثقافة السابق سليم وردة، ليكون بذلك وزيرا ثقافة (اضافة الى ليون) مرشحين للاستحقاق النيابي.
ومن المرجح أن تتضح ملامح اللوائح الانتخابية في زحلة في الأشهر القليلة المقبلة وان كان التوجه العام بتشكيل "القوات" و"التيار" لائحتين منفصلتين أصبح أمرا واقعا. وبغياب العدد الكافي من المرشحين الحزبيين لكلا الطرفين، يبدو ان "المال الانتخابي"، وللأسف، سيكون صاحب الكلمة النهائية في عمليتي توزيع المقاعد والاصوات.