– تحاول القيادة الكردية في سورية تغطية السموات بالقبوات، وربط سيطرتها على المزيد من الأراضي السورية الغنية منها بالموارد الطبيعية خصوصاً، بادّعاءات قتال داعش، وهي تعلم أن لا صلة بين الأمرين، وتعلم أنها تكذب، فغالب الأراضي التي تتوسّع فيها الوحدات الكردية هي توسعة لمساحات سيطرة سلطوية بنية الانفصال ورسم حدود الكيان، وتلبية لطلب أميركي بإبعاد الجيش السوري عن نقاط ذات أهمية استراتيجية جغرافية أو اقتصادية أو عسكرية، وليست من متطلبات وضرورات تتصل بالحرب على داعش، كما تحاول القيادة الكردية ربط تصدّي الجيش السوري لها بتوجيه اتهامات تشبه سخافة الاتهامات التي يوجّهها للدولة السورية وجيشها، بقايا تشكيلات المعارضة المسلحة، بالقول إنّ الجيش السوري يخدم داعش وسيطرتها، وكأنّ أحداً ما سيصدّق أنّ القتال الجدّي الذي يخشاه داعش هو غير القتال الذي يلقاه من الجيش السوري وحلفائه، بعد ثلاث سنوات من التعايش والمساكنة مع السيطرة الكردية والوجود الأميركي، والتعاون المكشوف بينهم لفتح طريق داعش لإسقاط تدمر لتكون المنصة الأهمّ للنيل من دمشق.
– هل تستطيع القيادة الكردية أن تشرح لأحد طبيعة الصلة بين شعار منع الجيش السوري من عبور الضفة الشرقية لنهر الفرات وضرورات قتال داعش، وكيف يكون العبور خدمة لداعش، بينما الجيش السوري وحده يحقق الإنجازات بوجه داعش وتتهاوى مواقع التنظيم أمامه في دير الزور، وتصمد مثيلاتها في الرقة، حيث يفترض أنها جبهة القتال الكردية بوجه داعش، ورغم العجز هناك ينقل التنظيم الكردي قواه إلى دير الزور لمسابقة الجيش السوري على التقدّم، والسيطرة على حقول النفط والفوسفات، ويركز جهوده على بلوغ النقاط التي يفترض أنّ الجيش السوري سيسيطر عليها ضمن خطة عبوره للضفة الشرقية لنهر الفرات، وكلها تنفيذ لطلبات أميركية من جهة، ومساعٍ لسيطرة سلطوية لرسم حدود كيان الانفصال من جهة أخرى، على حساب مقتضيات الحرب على داعش، وفرصه في الرقة لخوضها والفوز بها؟
– لا تجرؤ القيادة الكردية على القول إنها تفعل ذلك لأنها تريد رسم حدود كيانها المستقلّ، ولا تجرؤ على القول إنها تنفذ تعليمات أميركية معادية لدولتها الوطنية، ولا تجرؤ على القول إنّ سورية كيان بلا دولة وشريعة الغاب تحكمه، وليسيطر الأقوى على ما تطاله يداه، فهي ستخسر إن قالت أياً من هذا، لذلك تلجأ للاختباء والمناورة، فالعقد الاجتماعي الذي يجمع السوريين منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية هو دولتهم الوطنية الموحّدة، وكلّ تغيير لهذا العقد يحتاج لتوافق وطني بديل، وها هي تجربة أكراد العراق الذين حازوا حكماً ذاتياً منذ أربعة عقود، وغابت عن مناطقهم الدولة العراقية المركزية لثلاثة عقود، وامتلكوا كيانهم الخاص بحكومته المشرعنة وعسكره المعترف به باسم الفدرالية ضمن العراق الموحّد، يختبرون مرارة الخطوات الأحادية نحو الانفصال، ويدفعون ثمن تجاهل حقيقة، أنّ استبدال عقد بعقد آخر يستحيل دون التراضي والتوافق.
– إذا كان العناد والتذاكي من جانب القيادة الكردية العراقية انتحاراً بطيئاً، فإنّ مثله من جانب القيادة الكردية السورية انتحار سريع.