لم يبدُ طوني فرنجية، نجل رئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية يوما مستعدا لخوض غمار الحياة السياسية في لبنان كما هو في المرحلة الحالية. يوم الجمعة الماضي جلس في قصر جده في اهدن بين مدعويه من أهل الصحافة والاعلام، واثقا وجاهزا لأي سؤال ولفتح أي ملف. لم يتردد بالحديث عن التحالفات الانتخابية المرتقبة وان كان عبّر عن تخوفه من "تمديد رابع"، كما انّه مرّ على الوضع في المنطقة إلا انّه شدد أكثر من مرّة على وجوب اعطاء الاولويّة لاستعداد لبنان للمشاركة بكل فئاته وأطيافه بعملية اعادة اعمار سوريا، لما سيكون لها من تبعات اقتصادية كبيرة مع ترجيحه ان تؤدي لنهضة في الداخل اللبناني على كل المستويات.
تنقّل الشاب بين طاولات مدعويه الذين وان غلب عليهم توجه سياسي معين، ظل بينهم من يناقشه بالنتائج المتوقعة من تعاظم قوة حزب الله، كما بحاضر ومستقبل العلاقة مع "التيار الوطني الحر". السائل عن هذه العلاقة ومستجداتها يحيله الى الوزير السابق يوسف سعادة المعني الاول بالملف، على حد تعبيره، وان كان يؤكد ان تيار "المردة" لن يبني تحالفاته ويشكل لوائحه انطلاقا من مبدأ "الكيدية"، كاشفا ان لا شيء محسوم ونهائي في موضوع التحالف مع "القوات اللبنانية" ومؤكدا في الوقت عينه ان الأمور تتجه الى تحالف مع الوزير السابق النائب بطرس حرب.
اصلا، يبدو طوني فرنجية الذي أتقن على ما يبدو سريعا فن الدبلوماسية السياسية في الرد على أسئلة الصحافة، متخوفا من وجود نوايا مبطنة لجهة عدم اجراء الانتخابات النيابية في موعدها، ويعتبر ان التمديد الأول كان الأصعب ومن بعده كرّت السبحة، فما الذي يمنع برأيه السير بـ"تمديد رابع" يرفضه تماما.
وان كان من يجالس السياسي الشاب يلمس نوعا من الجرأة الشبابية والتمايز ببعض مواقفه عما هي المواقف المعلنة والرسمية لوالده كما لـ"المردة" من دون ان يؤدي ذلك لخروجه عن المسار السياسي العام، لكن حين يحين وقت الحديث عن العلاقة مع حزب الله وسوريا، يبدو حاسما وجازما مؤكدا انّها بمستويات أعلى ما تكون من ان يتمكن احد من "التغبير" عليها، مطمئنا سائليه الى ان حزب الله لم ولن يسعى يوما لاستثمار انتصاراته او انتصار المحور الذي ينتمي اليه في المعركة السورية في الداخل اللبناني، لقناعته ان هذا البلد لا يمكن ان يتفرد اي طرف بحكمه.
أما ملفات الشمال وبخاصة ملف زغرتا واهدن، فملعب البيك الشاب المفضل، بحيث يتابع عن كثب حاجات البلدات والقرى وسكانها. هنا يستفيض بالحديث عن المشاريع التي يتم انجازها وان كان بعد جهد جهيد نتيجة المحسوبيات السياسية التي تسيّر عمل الوزرات. ويمر فرنجية على ملف سلسلة الرتب والرواتب مؤكدا انّها حق للموظفين، وبخاصة للعسكريين الذين يقدمون دماءهم فداء للبنانيين وبقاء لبنان فيما يتقاضون حدا أدنى لا يسمح لهم بعيش حياة كريمة، الا انّه من القائلين بقدرة الدولة على تمويل هذه السلسلة من دون اعتماد سياسة الاعطاء بيد والاخذ باليد الأخرى، من خلال زيادة الضرائب، التي تهدد بتفاقم أعداد الفقراء ونسف الطبقة المتوسطة في المجتمع.
لم يُستفز أو ينفعل طوني فرنجية لدى تناوله أي من الملفات. وحده الملف الاجتماعي وأحوال الشباب وغياب فرص العمل جعله يخرج قليلا من حالة "الخجل المحبب" الذي يتصف به، ما يميزه عن معظم سياسيي المرحلة الذين هم بأكثريتهم من أمراء الحرب اللبنانية. يظهر جليا ان الشاب قرر ان يحمل إرث عائلته السياسي الذي يفخر به عن قناعة وارادة، متكئا على فريق عمل مخضرم لطالما أحاط بوالده، تراه اليوم يحيط به بفخر واعجاب.
لا يُطلق الشاب الطامح للزعامة الكثير من الوعود في حال دخوله الندوة البرلمانية، يبدو واقعيا ومقتنعا بأن الفساد والمحسوبيات المتغلغلة في النظام اللبناني من الصعب استئصالها بليلة وضحاها. هو يضع نصب عينيه "الغاء الطائفية السياسية" هدفا اساسيا لحل معظم الأزمات اللبنانية. هدف يعتقد انّه قابل للتطبيق وان كان في المدى المتوسط او البعيد، تحفظ من خلاله كل المكونات اللبنانية حقوقها تحت سقف الدولة.