ما إن إنطلقت موجة التحذيرات الدبلوماسية من عمليات إرهابية قد تنفّذ في أماكن عامة ككازينو لبنان، حتى تحولت مجموعات "الواتساب" منصةً لتسريب رسائل تارةً تنسب الى مصادر أمنية وتارةً أخرى لا تنسب الى أحد، وفيها أكثر من سيناريو لتفجيرات وعمليات إنتحارية مصدرها الحقيقي هو خيال أصحاب هذه الرسائل النصية والصوتية.
من هذه الرسائل واحدة صوتية، إنتشرت بسرعة النار في الهشيم، وفيها تحذير من سيارات الإسعاف، وطلب من المواطنين بعدم الإقتراب منها، لأن مجموعة إرهابية تريد إستعمالها وسيلةً لإستهداف إحدى المناطق المكتظة سكنياً، على إعتبار أن سيارة الإسعاف ونظراا الى طبيعة مهماتها الإنسانية، تسهّل القوى الأمنية طريقها أينما كانت وبأي ظرف كان حتى لو كان الطريق المقفل أمام السيارات العادية يؤدي الى ساحة إنفجار وقع.
فعلياً لم تلقِ القوى الأمنية القبض على خلية جديدة تنوي إستعمال سيارات الإسعاف لتنفيذ عمليات إنتحارية، وإذا عدنا الى الملفات الأمنية والقضائية، يتبين أن ما لديها على هذه الصعيد هو خلية منتمية الى تنظيم أوقفت في 23 حزيران من العام 2016، وكان يقودها السوري عبد السلام العزو الذي أوقفته مخابرات الجيش بعد رصده، ليبتين أنه كان على تنسيق مباشر وعبر الرقم الخلوي 81/252483 مع قيادة تنظيم داعش الإرهابي في ولاية الرقة.
إعترف العزو خلال التحقيقات أن الهدف الأول الذي ينوي إستهدافه مع مجموعته هو الضاحية الجنوبية والمخطط يقوم على الشكل التالي: سيارة إسعاف مجهزة بحوالى 1500 كيلوغرام من المواد المتفجرة، وفي داخلها كل ما يلزم من معدات طبية للإسعافات وطاقم بشري، تصل الى المكان المستهدف، فينزل منها إنتحاريان مزنران بأحزمة ناسفة ويقومان بتفجير نفسيهما، على بعد مئات الأمتار من سيارة الإسعاف، وبعد تجمّع الناس في ساحة الإنفجار تدخل سيارة الإسعاف ويقوم الإنتحاري الثالث الذي يقودها بتفجيرها وسط الحشد البشري.
في إفادته أيضاً قال العزو، إن الهدف الثاني لمجموعته كان "كازينو لبنان القائم في منطقة جونية والمعروف بإستضافته الدائمة لأكبر الحفلات، مؤلف من خمس طبقات تقريباً، يذهب اليه إنتحاري بحجة السهر، ويكون مجهزاً بحزام ناسف، وما أن يجد مناسبة فرح في الكازينو فيها "فجور وفسق"، ينفذ العملية، وإذا إستطاع أن يدخل معه سلاحه، يطلق النار أولاً وبعدها يفجر نفسه والهدف طبعاً ممّن يعتبرهم صليبيين".
هو أبرز ما جاء في إفادة إرهابي داعش عبد السلام العزو، لكن توقيف العزو ليس بالأمر الجديد، وإعترفاته أيضاً ليست جديدة، لذلك يطرح السؤال، من أعاد إحياء سيناريو التفجير بسيارة إسعاف الذي كان يخطط لتنفيذه قبل توقيفه في العام 2016؟ ومن المستفيد من تسريب معلومات مختلقة كهذه لا أساس لها من الصحة؟ وهل سيكشف مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، من كان وراء رسائل الواتساب هذه التي زرعت في الشارع اللبناني حالاً من الهلع والخوف حتى لو كان المسرّب جهازاً مخابراتياً دولياً؟.