رغم رفض الدولة المركزية العراقية، ودول عديدة، تمسّك مسعود البرزاني وحزبه، بإجراء استفتاء يرمي إلى انفصال شمال العراق عن الدولة المركزية، وقد بدا واضحاً أنّ البرزاني وضع كلّ أوراقه في سلة الاستفتاء، بعد أن أتمّ إجراءات الانفصال، ورسم خريطة التحالفات!
الدول الرافضة للاستفتاء الانفصالي أعلنت مواقفها بوضوح، وبعضها لوّح بخيارات تصعيدية، العراق بطبيعة الحال، وأيضاً إيران وتركيا. وهذا ما يحدّد بوضوح تحالف انفصاليّي شمال العراق مع «إسرائيل» ومعظم الممالك والإمارات الخليجية، الأخيرة تسير بخطى سريعة في مسار التطبيع مع العدو الصهيوني، وإخراج هذا المسار من السرّ إلى العلن، بعدما أعلن ملك البحرين أمام عدد من الحاخامات اليهود موقفاً واضحاً بهذا الخصوص، ناهيك عن سلسلة من اللقاءات والاجتماعات والاتصالات بين مسؤولين صهاينة وبين المسؤولين في غير دولة خليجية.
والتحالف بين انفصاليّي شمال العراق والدول الخليجية والعدو اليهودي، خضع للاختبار من خلال تقديم الدعم والمؤازرة للمجموعات الإرهابية لارتكاب المزيد من الجرائم والمجازر في العراق وسورية، ولم تتأخر «إسرائيل» في استقبال جرحى المجموعات الإرهابية وعلاجهم في مستشفياتها، وكلما كان يضيق الخناق على الإرهاب كانت تؤازره بالقصف الجوي والمدفعي. كما أنّ الدول الخليجية فتحت كلّ خزائنها لتمويل الإرهاب، وسخّرت وسائل إعلامها دعماً له، وليس سراً أنّ آلاف العناصر الإرهابيين الذين تقهقروا أمام الجيش العراقي والحشد الشعبي فرّوا إلى مناطق سيطرة البرزاني وحظوا بمعاملة أكثر من جيدة هناك، وربما صاروا جزءاً من المجموعات التي تحت أمرة البرزاني..
ما يعزز فرضية التحالف الآنف الذكر، دخول الاستخبارات الصهيونية إلى العراق تحت مظلة الغزو الأميركي، وفي الآونة الأخيرة كشفت تقارير عدة عن قيام ضباط صهاينة بتدريب عناصر في شمال العراق، وأنّ «الموساد» متغلغل بقوة في تلك المناطق، بغطاء من البرزاني نفسه.
وكما يبدو فإنّ إثم العلاقة مع العدو الصهيوني لا يشكل حرجاً للقوى الانفصالية في شمال العراق، فلهذه القوى سوابق، وقد صدرت كتب عدة لمسؤولين أجانب كشفت عن اتصالات وعلاقات وزيارات مع «إسرائيل» قام بها الملا مصطفى البرزاني منذ أربعينيات القرن الماضي بغرض الانفصال، بمساعدة أميركية ومن جهاز «السافاك» الإيراني، قبل أن تصبح إيران في موقع العدو لـ «اسرائيل».
اليوم، يذهب البرزاني إلى الاستفتاء الانفصالي، مستنداً على دعم أميركي غير معلن، وعلى تحالف مع أشباه دول، الأمر الذي يجعل من الانفصال وصفة انتحار.