للمرة الأولى منذ الحديث عن إنهاء الانقسام الفلسطيني، يبدو تحقيق المصالحة الداخلية قريباً وعلى مرمى حجر.
ومرد ذلك إلى نجاح المشاورات والاتصالات التي قادتها مصر في تذليل العقبات الرئيسية التي عمقت الانقسام بين حركتي "فتح" و"حماس".
وهنا يبرز الدور المصري الأجدر والأقدر بتقريب وجهات النظر بين الفصيلين الرئيسين في الساحة الفلسطينية، وكدور مركزي قوي لإقرار المصالحة كشريك، وضمان تنفيذ بنود ما يتفق عليه، ومواجهة بعض الأطراف التي تسعى إلى الخربطة، واستخدام الورقة الفلسطينية في حسابات ومصالح خاصة.
وبدأت الخطوات العملانية لتنفيذ إنهاء الانقسام، حيث علمت "اللـواء" بأن ذلك سيتوج بإعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن نجاح المصالحة رسمياً من قطاع غزة في زيارة بدأ الإعداد لترتيبها دون الإعلان عن موعدها، لأنها تحتاج إلى ترتيبات أمنية خاصة جداً، فهي أول زيارة للرئيس الفلسطيني إلى القطاع منذ العام 2007، بعد سيطرة حركة "حماس" على القطاع، ونجاته من محاولة اغتيال، وجهت أصابع الاتهام بالتخطيط لها إلى حركة "حماس".
وأبلغت مصادر متابعة "اللـواء" أن موعد زيارة الرئيس الفلسطيني إلى القطاع ستكون بعد تسلم حكومة الوفاق الوطني برئاسة الدكتور رامي الحمد الله لمهامها في القطاع وانتهاء اجتماعات حركة "حماس" مع حركة "فتح" والفصائل الفلسطينية في القاهرة للتوافق على الملفات كافة لإنجاز المصالحة، انطلاقاً من أن لا اتفاق جديداً، بل أن ذلك سيكون استناداً إلى وثيقة المصالحة التي وقعت في القاهرة (4 أيار 2011)، ونضوج بعض الملفات المتعلقة بها.
وعلمت "اللـواء" أيضاً أن اللجنة المركزية لحركة "فتح" قررت خلال الاجتماع الذي عقدته برئاسة نائب رئيس الحركة محمود العالول، تكليف وفد خماسي رفيع المستوى من الحركة للتوجه إلى قطاع غزة للقاء مسؤولين في حركة "حماس" وباقي الفصائل الفلسطينية، لمناقشة ملفات هامة متعلقة بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في القاهرة.
وأوضحت المصادر أن وفد "فتح" سيكون برئاسة عزام الأحمد وعضوية: ناصر القدوة، اسماعيل جبر "الحاج اسماعيل"، صبري صيدم وروحي فتوح (والأربعة هم من قطاع غزة).
وتتمحور نقاط المصالحة الرئيسية حول:
1- حل اللجنة الإدارية التي شكلتها حركة "حماس" في قطاع غزة خلال شهر آذار الماضي (وقد أعلنت "حماس" عن حل اللجنة).
2- تمكين حكومة الوفاق الوطني برئاسة الدكتور رامي الحمد الله القيام بمهامها كاملة في قطاع غزة.
3- عقد اجتماع بين حركتي "فتح" و"حماس" بمشاركة مختلف الفصائل الفلسطينية في القاهرة.
4- تشكيل حكومة وحدة وطنية.
5- الدعوة إلى انتخابات عامة رئاسية وتشريعية وللمجلس الوطني الفلسطيني.
وبعد انتهاء زيارة وفد "فتح" إلى قطاع غزة، ولقاء المسؤولين في حركة "حماس" والفصائل الفلسطينية، سيترأس الرئيس عباس اجتماعاً للجنة المركزية للحركة ثم اجتماعاً للجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير الفلسطينية"، والإعلان عن استعداد الحكومة التوجه إلى قطاع غزة لتسلم مهامها، وهو متوقع قبل نهاية الشهر الجاري، وذلك بعدما ترأس خلال اليومين الماضيين اجتماعين للجنة المركزية لـ"فتح" واللجنة التنفيذية للمنظمة.
وأكدت مصادر مطلعة لـ"اللـواء" أن التسليم والتسلم سيتم تحت إشراف وفد حكومي مصري لمراقبة تنفيذ انتقال السلطة وحسن التنفيذ، وعدم وضع عراقيل في طريق ذلك، وفي حال تراجع أي طرف عن التفاهمات، فإن مصر ستحمل المسؤولية لمن لا يلتزم بذلك.
ويلي هذه الخطوة، استضافة القاهرة لمباحثات بين وفدي "فتح" و"حماس"، قبل انضمام باقي الفصائل إليهما لبلورة الصيغة النهائية للتفاهمات انطلاقاً من ورقة المصالحة التي جرى توقيعها في القاهرة في العام 2011، خاصة في ما يتعلق بأحد البنود العالقة، وهو وضع الموظفين الذين قامت "حماس" بتعيينهم بعد سيطرتها على غزة، ومن كانوا قبل ذلك التاريخ في مراكز عملهم ولم يلتزموا به بعد ذلك، حيث سيكون الحل من خلال اللجنة المكلفة، والتي ستكون من اختصاص الحكومة التي سيجري تشكيلها لاحقاً، وليس الحكومة الحالية.
وبعد انتهاء اجتماعات القاهرة، يلي تشكيل حكومة وحدة وطنية، ثم زيارة الرئيس عباس إلى غزة، وبعدها إجراء الانتخابات العامة.