أطال الله بعمرك أيّها الزعيم.. أنت درع الطائفة وقوّتها وكيانها ووجودها.. أنت حامينا من خطر الطوائف الأخرى ومذاهبها، التي تسعى لإبتلاعنا... واقتلاعنا.
لولاك، لكان «هؤلاء» قد أكلونا، وهجّرونا وسرقوا حقوقنا وكلّ ما بقي لنا على أرض الوطن..
زعيمنا قائد فذّ لم يخلق الله شبيهاً له إلّا أباه من قبل، وإبنه من بعده.
لا نتذكّر يوماً أنّ زعيمنا ارتكب خطأً... الربّ حباه موهبة النبوّة والفراسة وعلمِ الغيب واستشراف المستقبل، أطال الله بحكمِه ليتّخذ القرار الصحّ والموقفَ الأصحّ.
زعيمنا... ولو دار على ذاته ككوكبِ الأرض، وبدّلَ رأيه مئة مرّة في اليوم، فنحن ندور معه كعقارب الساعة، وندرك أنه إنّما يفعل ذلك لمصلحة الطائفة وحقوقها وحضورها..
زعيمنا لا يعرف الفساد، ولم يَحدث مرّةً أن مدَّ يده إلى المال العام.
زعيمنا لا دخلَ له بصفقات النفايات والماء والكهرباء والنفط والشفط، ولا علاقة له بمجالس الإعمار والشحّار، ولا بمجالس الجنوب والجيوب، أو صناديق المهجّرين والمهاجرين، فكلّ زعماء الطوائف الأخرى ينهبون خزينة الدولة إلّا هو... الزعيم الشريف النظيف العفيف..
زعيمنا لا يملك شركات عقارية ولا معامل ولا بنوك ولا مؤسسات وهمية ولا عقارات ولا طائرات خاصة أو يخوت، بينما «أولئك» الفاسدون قد أفقروا الدولة ونَهبوها..
زعيمنا الملهَم، ولو أنه «غطّى» تجّار المخدّرات وعصابات سرقة السيارات وتبييض الأموال، فهو بذلك «يحمي» أبناءَ الطائفة، والطائفةُ كيان واحد من غير المسموح لأحد أن «يدقّ» بها أو يعتديَ على أبنائها..
نعَم زعيمنا «حشر» جماعتنا موظّفين في مؤسسات الدولة وإدارتها، وأكثرُهم يُلازمون منازلهم من دون أن يَحضروا إلى مراكز أعمالهم ويقبضون رواتبَهم من دون عمل، أليس أفضل من أن يستوليَ زعماء آخرون لطوائف أخرى على مقدّرات الوطن؟
ليس صحيحاً أنّ زعيمنا هو الذي هجَّر القرى والبلدات ودمَّر بيوتها، أو أنه أنشَأ ميليشيا لقتال القوى المسلحة الشرعية والقتل على الهوية، ومناصرة واستجلاب الجيوش والمنظّمات الغريبة، ولم يحدث مرّةً أن انبَطح أمام سفير أجنبي، أو نفَّذ أوامر الخارج، وليس صحيحاً البتّة أنّ جماعتنا قد اعتدوا على هيبة الدولة وأنشأوا لهم دولةً ضمن دولة، فزعيمنا لا يتسبّب بإيذاء نملة، بينما الإجرام هو صفة ملازمة لزعماء الطوائف الأخرى... وأبنائها.
زعيمنا العبقري، يأتيه سفراء الدول ومبعوثوها لاستشارته والوقوف على رأيه، فيعطيهم حلولاً للأزمات والمشكلات المستعصية في بلدانهم، ثمّ يغادرون شاكرين، تاركين له الحقائبَ المحشوّة بالمال «بدل أتعاب» لأنه قد شغَّلَ رأسَه الكبير بمشكلات الدول الكبرى...أطالَ الله برأس الزعيم..
زعيمنا لا يغمض له جَفن، ولا يرتاح له بال، فهمومُنا اليومية تعيش معه في سريره، وهمومُ أولادنا تأكل معه في الصحن، ومشكلاتنا تقضّ مضجعَه لذلك، فنحن لا همَّ لنا البتّة:
فقد أورثنا لابنِه، وهو بدوره سيَرِث أبناءَنا، كما الحذاء الضيّق في رِجل الأب، يَخلعه لينتعله الإبن.. ذلك لأنّ الأبناء والأحفاد قد تدرّبوا على «رعي» القطيع، ونحن القطيع نمشي ولا نسأل عن وجهة السير، لأنّنا متأكّدون من أنّ راعيَنا يقودنا إلى حيث المرعى، وهل لنا أكثر من الأكل والشرب؟ وما حاجتُنا للتفكير بالمصير؟ هناك من يفكّر عنّا ويخطّط لنا، فنحن إذا غيّرنا الدربَ، يُحرّض علينا كلابَه، ونحن نطيع الكلابَ لأننا نخافهم... فنعود إلى الطريق المستقيم..
لا يَخطرَنَّ ببال أحد انتقادُ زعيمنا، فهو بذلك قد يَهين طائفتنا بأكملها، والويل ثمّ الويل لمن يَهين الطائفة.
زعيمنا مِن نسلٍ مبارك.. وأصلٍ مبارك.
نموت عنه.. نَفديه بالروح والدم.
أبوه الزعيم ماضينا.. وهو حاضرنا..
وابنُه الزعيم مستقبلنا.. ومستهبِلُنا.
أطالَ الله بعمر الزعيم.