في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار اليوم الى المحكمة العسكرية حيث تعقد جلسة للمرافعة وإصدار الأحكام بحق الإرهابي أحمد الأسير و36 موقوفاً معه قاتلوا الجيش واعتدوا عليه في معركة عبرا 2013، كان لافتاً جداً بالنسبة الى متابعي عمل المحكمة، خبر توقيف القوى الامنية قبل أيام قليلة من الجلسة، غسان حزوري بعد استدعائه الى المحكمة العسكرية بتهمة تأليف عصابة مسلحة والمشاركة في اشتباكات طرابلس. وكيف لا يكون الخبر لافتاً عندما يكون حزوري مرافقاً للشيخ سالم الرافعي؟.
اللافت في الخبر تشرحه المصادر المتابعة عبر الأسئلة التالية: هل دقت ساعة توقيف الرافعي ومحاكمته بعد إصدار الحكم بحق الأسير؟ وهل سيستدعى للإستماع الى إفادته في المحكمة ثم يتم توقيفه، إنطلاقاً من إفادة الأسير التي إعترف فيها بأن الرافعي أواه مع الإرهابي خالد حبلص في منزل في الكورة وذلك لأيام وأيام خلال المرحلة التي كان فيها الأسير وحبلص متواريين عن الأنظار، أي في الأيام التي تلت معركتي أسواق طرابلس وبحنين"؟.
"ليست إفادة الأسير وحدها التي تدين الرافعي" يقول مصدر قضائي بارز، "فلا يمر أسبوع واحد على جلسات المحكمة العسكرية، من دون أن يتردد إسمه داخل قاعتها، وعلى ألسنة موقوفين متهمين بجرائم إرهابية تصل عقوبتها الى الإعدام، وبتهم تتوزع بين الإنتماء الى تنظيم "داعش"، أو الى جبهة النصرة، وقتل ضباط وعسكريين في الجيش اللبناني، وصولاً الى التخطيط وتنفيذ عمليات إرهابية داخل الأراضي اللبنانية، كل ذلك من دون أن يصدر أي تعليق عن إمام مسجد التقوى.
ومن المرات التي ورد فيها إسم الرافعي في المحكمة العسكرية، تكشف المصادر القضائية كانت في أيلول من العام 2016، عندما اعترف المدعى عليه ر. ح. أنه وبهدف الحصول على وظيفة، قصد الشيخ الرافعي الذي كان في صدد انشاء شركة "حماية خاصة"، فما كان بالأخير إلا أن عرّفه على فادي النجار الذي قام بتدريبه على استعمال البندقية داخل المسجد واحيانا في منزله.
قبلها ليس بكثير، ورد إسم الرافعي بحسب المصادر الأمنية، في التحقيقات التي أجريت مع موقوفي شبكة تجنيد القاصرين والإنتحاريين التي ألقى الأمن العام القبض عليها، وتحديداً في إفادة أحد أفرادها أحمد م. وهو أحد مصلّي مسجد التقوى. أحمد م. إعترف أن الرافعي كان يحثّ الشباب على الانضمام إلى جبهة النصرة لـ"الجهاد" في صفوفها، وأنه عرّفه الى شادي المولوي واسامه منصور كمسؤولين في التنظيم داخل لبنان.
أضف الى إعترافات الأسير والموقوفين الآخرين، فخالد حبلص شخصياً قال خلال التحقيقات معه إن "الرافعي سانده وساعده على الهرب"، كل ذلك من دون أن يخسر ولو مسؤول واحد في الدولة اللبنانية، إتصالاً على الرافعي، يطلب منه فيه الحضور للإستماع الى إفادته ولو شكلياً على غرار ما حصل مع مدير المشتريات في فيللا النائب بهية الحريري محمد علي الشريف، الذي، إستمع الأمن العام الى إفادته بتهمة إيواء الأسير في منزله في الهلالية بعد معركة عبرا، ثم أطلق سراحه بناء على إشارة من القاضي صقر صقر بعد ساعات قليلة.
إذاً في زمن يحكى فيه عن أن سبحة المحاكمات ستكرّ بحق الإرهابيين بعد جلسة الحكم الخاصة بملف عبرا، وفي عهد يرفع فيه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون شعار" كي لا يظلم بريء ولا يبرّأ متهم"، هل أصبح السؤال عن توقيف الرافعي ومحاكمته من الأمور الممكن تحقيقها بعدما منع الغطاء السياسي الذي حظي به سابقاً توقيفه أو حتى الإستماع الى إفادته؟.