تخطو المصالحة الفلسطينية بثبات، عبر تنفيذ المقررات المتوافق عليها من خلال الجهد المصري بالإشراف على التنفيذ ومتابعة ذلك.
وما تغيّر بين توقيع "اتفاق المصالحة" في القاهرة (4 أيّار 2011) واليوم، هو الإصرار المصري على تنفيذ بنود الاتفاق، وإنْ كان بحكمة وصبر، لكن بحسم، مع عدم السماح بالعودة إلى الوراء، أو عرقلة المصالحة، مع تفهّم الأطراف المعنية إلى أهمية تنفيذها.
وفي ضوء متابعة ما جرى بين التوقيع على الاتفاق واليوم، ما زالت هناك بعض العقبات التي تعترض تنفيذ البنود، التي كانت بحاجة إلى تفاهمات، ومنها ما جرى في "إعلان الشاطئ" في غزّة (نيسان 2014)، يمكن حلحلة العقد، بما يضمن تحصين تنفيذ خطوات المصالحة أمنياً وسياسياً واقتصادياً حتى تسير بخطى ثابتة، وذلك من خلال:
- دعم مصر لها، والتأكد من حسن تطبيقها على الأرض.
- حل قضية المعابر والموظفين القدامى، أو الذين جرى تعيينهم من قِبل "حماس" في غزّة.
- إطلاق ورشة إعادة إعمار القطاع وإدخال مواد البناء للقطاعات كافة.
- معالجة أزمة الكهرباء والوقود والحياة المعيشية في منطقة مصنفة من أكثر مناطق العالم فقراً.
وهذا يستوجب تضافر الجهود الفلسطينية الداخلية كافة في السلطة والفصائل والقوى ومتموّلين فلسطينيين، وشركات كبرى، ودول مانحة بالتنسيق مع مصر من أجل المساعدة بإطلاق ورشة النهوض في القطاع واستمرارها.
وتتّجه الأنظار إلى الخطوة المقبلة، بلقاء وفدَيْ حركتَيْ "فتح" و"حماس" في القاهرة، بدعوة مصرية، والمرتقبة الثلاثاء المقبل، من أجل تقييم الخطوات التي أُنجزت، وتطبيق شامل لباقي بنود اتفاق المصالحة، ومنها ما يتعلّق بالمعابر والمواطنين والأمن.
على أنْ يلي ذلك اجتماع موسّع للفصائل الفلسطينية في موعد يُحدّد لاحقاً في ضوء نتائج الاجتماع الثنائي، الذي سيتطرّق إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم الفصائل الفلسطينية كافة، فضلاً عن إجراء الانتخابات العامة.
هذا، وسيعقد المجلس الثوري لحركة "فتح" اجتماعاً له اليوم (الخميس) لمناقشة ملفات عدّة في طليعتها ملف المصالحة، على أنْ تعقد اللجنة المركزية للحركة اجتماعاً لها مطلع الأسبوع المقبل، قبل مغادرة وفدها إلى القاهرة للقاء وفد حركة "حماس".
ويبدو الانزعاج الإسرائيلي من المصالحة واضحاً، وهو الذي كان يتذرّع بالانقسام لعدم الالتزام بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية.
فقد أعلنت سلطات الإحتلال الإسرائيلي عن إغلاق وعزل مدينة القدس والأراضي المحتلة منذ العام 1948 اعتباراً من منتصف ليل أمس ولمدة 11 يوماً، للاحتفال بعيد المظلة "العرش" العبري، حيث يُمنع العمّال من الضفة الغربية بالدخول والخروج إلى أماكن عملهم في القدس والداخل المحتل.
التخبّط الإسرائيلي من نتائج المصالحة الفلسطينية، ويتوقّع أنْ تكون نتائجه سلبية على الفلسطينيين، بمزيد من التضييق والممارسات التعسّفية، واتخاذ ذلك ذريعة بالادعاء بأنّ الرئيس الفلسطيني محمود عباس ينسّق ويدعم الإرهابيين، سواء من خلال حركة "حماس" (المصنّفة عالمياً على لائحة الإرهاب) أو دفع رواتب أسر الشهداء والجرحى والأسرى.
ولعل أبلغ تعبير عن الصلف الإسرائيلي، هو ما أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أنّ "نتنياهو أصعب من الرئيس الفلسطيني "أبو مازن" في ما يتعلّق بجهود التوصّل إلى اتفاق سلام بين الطرفين، ويشكّل حجر عثرة في طريق التسوية مع الفلسطينيين".
إلى ذلك، استقبل الرئيس عباس في مقر الرئاسة في رام الله، المبعوث النرويجي الخاص بعملية السلام تور وينسلد، حيث جرى استعراض آخر المستجدات المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
في غضون ذلك، اختتم موفد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رئيس المخابرات العامة اللواء خالد فوزي، زيارته إلى الضفة الغربية وقطاع غزّة بلقاء مع رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" الدكتور إسماعيل هنية بمشاركة قائد الحركة في غزّة يحيى السنوار وعضو المكتب السياسي للحركة فتحي حمّاد.
وفي إطار لقاءات رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور رامي الحمد الله التي عقدها بحضور نائب رئيس الوزراء الدكتور زياد أبو عمرو وعدد من الوزراء والمسؤولين، فقد التقى ممثّلي الفصائل والشخصيات والقوى الفلسطينية في غزّة، وكذلك جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين.
وعرض الحمد الله خلال اللقاءات "مخطّطات الحكومة من أجل النهوض بقطاع غزّة والعمل على تحسين بيئة الأعمال والاستثمار في القطاع، وأنْ تكون المصالحة رافعة للجهود بما يساهم بالنهوض بالاقتصاد الفلسطيني، وتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يعانونها".
وأشار الحمد الله إلى "انخفاض المساعدات الخارجية لأكثر من 70%، حيث عملت الحكومة على القيام بواجباتها في تلبية احتياجات المواطنين وتوفير الخدمات، على الرغم من عدم إيفاء العديد من الدول بالتزاماتها تجاه إعادة الإعمار في القطاع، فلم يصل إلا 35% فقط من المساعدات، بينما أنجزت الحكومة ما نسبته 63% من اعمار البيوت المهدمة، وكلّي أمل بأن ننهي إعادة الإعمار نهاية هذا العام، في حال إلتزام الدول بالتمويل المطلوب منها".
وأكد أنّ "هناك لجنة إدارية عليا تمّ تشكيلها وفقاً لاتفاق القاهرة، وكلف بها نائب رئيس الوزراء، ولديها مُـدّة 4 أشهر لدراسة جميع أوضاع الموظفين القدامى أو الذين تمّ تعيينهم من قِبل "حماس" في غزّة".
وأوضح أنّه "لا نستطيع كحكومة فلسطينية تحمل أعباء 50 ألف موظف، لا تقل تكلفة رواتبهم عن 50 مليون دولار شهرياً، ونأمل أن تجد اللجنة الإدارية القانونية حلولاً مناسبة للموظفين القدامى والجدد".
وأشار الحمد الله إلى أنّ "معبر رفح البري، لا بدّ أنْ يكون تحت حماية القوات الشرعية الفلسطينية، وليس تحت يد أي فصيل آخر، وتكليف القوات الشرعية بذلك أمر نهائي ولا نقاش فيه، وقد جرى في اتفاق المصالحة، أنْ يتم تسليم المعابر والمؤسسات والوزارات والموظفين إلى الحكومة الفلسطينية بشكل كامل".