بين تشرين وتشرين تولَد الموازنة...
هذا هو الحدث الآتي بعد ثلاثة عشر عاماً من السنوات العجاف التي لم تكن فيها موازنات، بل كان فيها صرف على القاعدة الإثنتي عشرية.
حدث الموازنة سيأتي بعد الجلسة التشريعية بعد غد الإثنين، وهي الجلسة التي ستشهد إعادة بناء قانون الضرائب، وعندها يتكامل قانونا السلسلة والضريبة.
أسبوع وتُطل الموازنة وستشهد ساحة النجمة ما لم تشهده منذ أكثر من عقد من الزمن.
بعض النواب الحاليين، وعلى رغم وجودهم في مجلس النواب منذ ثمانية أعوام، فإنهم لم يناقشوا موازنةً يوماً، كان يُفترض أن يكونوا ناقشوا ثماني موازنات، بعدد الأعوام التي يقضونها نواباً، لكن دولة الإستخفاف والإستهتار واللامبالاة وعدم الخشية من المحاسبة، دفعتهم إلى أن يُمضوا ولايتين على التوالي من دون أن يعرفا كيف تكون الموازنة؟
وكيف تُناقش وكيف يتمُّ إصدارها بقانون؟
هذا ما سيتعرفون عليه بعد أسبوع، ومع ذلك هناك تأخير، ففي الأصول الدستورية إنَّ مجلس النواب يُفترض أن يناقش بدءاً من النصف الثاني من هذا الشهر موازنة العام 2018، لكنَّ التأخيرات المتلاحقة تجعل الأصول تقضي أن تُناقش موازنة هذه السنة وأن تصدر في قانون، ولاحقاً تُناقش موازنة العام 2018.
الموازنة ليست مجرد عملية تقنية، بل هي الممر الإلزامي من الفوضى المالية إلى إعادة انتظام عمل المؤسسات، وفق نفقات وإيرادات شفافة.
من التشكيلات العسكرية والأمنية، إلى التشكيلات الدبلوماسية، إلى التشكيلات القضائية، إلى بعض التشكيلات الإدارية، يمكن القول إنَّ معالم الدولة قد بدأت تكتمل، ليبقى المعلم الأول الذي هو الإنتخابات النيابية في أيار المقبل.
هذه الإنتخابات بدأت العدَّة تُعد لها من أجل الوصول بها إلى شاطئ الأمان.
السؤال هنا:
ما الذي يشوب هذه الإنتخابات؟
هناك مصاعب كثيرة يعمل وزير الداخلية على تذليلها، ومنها:
هناك البطاقة الممغنطة التي سقطت، والآن يجري العمل على البطاقة البيومترية، مع إمكان إبقاء الباب مفتوحاً أمام التصويت ببطاقة الهوية وبجواز السفر، فالمهم بالنسبة إلى رئيس الحكومة وإلى وزير الداخلية الغاية وليس الوسيلة، والغاية هي انتاج مجلس نواب جديد يضخُّ دماً جديداً في الحياة البرلمانية والسياسية، وهنا التحدي الأكبر بالنسبة إلى القادة والزعماء في أن يقع اختيارهم على مَن هُم الأكثر كفاءة والأكثر نزاهة والأكثر إلتصاقاً بالناس. وعندها ليأتِ مَن يأتي من المرشحين، سواء من هذه الفئة أو من تلك، أما إذا كانت الإختيارات ليست بالقدْر المعروف والمُرضى عنه، فعندها لا تكون الإنتخابات قد حققت أغراضها، فمشكلة الإنتخابات في لبنان أنَّها تمر أولاً بمصفاة الزعيم، ثم بصناديق الإقتراع، وإذا التقت المصفاة مع الصندوق تكون الإنتخابات شكلية فيما الإنتخابات الحقيقية تكون عند الإختيار الأول.
هذه هي معايير الإنتخابات في لبنان، ومن اليوم وحتى أيار المقبل، فترة سبعة أشهر هي كافية ليعتاد المعنيون بالعملية الإنتخابية: مسؤولين ومرشحين وناخبين، على هذه الثقافة الإنتخابية الجديدة.